للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذكر الفقهاء أن الشروط الصحيحة في هذا الباب قسمان:

الأول: شرط يتضمنه العقد ويقتضيه، ومثل هذا لا حاجة إلى اشتراطه، فذكره في العقد لا يؤثر، وإهماله لا يسقطه، مثل اشتراط تسليم المرأة لزوجها وتمكينه من الاستمتاع بها، وكاشتراط النفقة والسكنى على الزوج، ونحو ذلك.

الثاني: ما يشترطه أحد الزوجين على الآخر مما له فيه مصلحة ولا يخالف شرع الله تعالى، ومثل هذا شرط صحيح لازم، فإن وفَّى به الزوج، وإلا فلها الفسخ، وتقدمت أمثلته.

والمعتبر من الشروط ما كان حال العقد ووقته؛ كزوجتك ابنتي بشرط كذا، أو اتفقا عليه قبل العقد، فإن الأصح من قولي أهل العلم أنه كالشرط المقارن للعقد، ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: (إنه ظاهر المذهب، ومنصوص الإمام -رَحِمَهُ اللهُ-، وقول قدماء أصحابه ومحققي المتأخرين؛ لأن الأمر بالوفاء بالشروط والعقود والعهود يتناول ذلك تناولًا واحدًا) (١).

فإن كان الشرط بعد العقد ولزومه، فالمنصوص عن الإمام أحمد أنه لا يلزم، وقال ابن رجب: (ويتوجه صحة الشرط فيه، بناءً على صحة الاستثناء منفصلًا بنيةٍ بعد اليمين … ) (٢).

وأما الشروط الفاسدة فلا عبرة بها، كما لو شرط ألا مهر لها، أو لا ينفق عليها، أو شرط عليها عدم الوطء، أو اشترطت أن يفضلها على بعض ضرائرها، أو شرط عليها عدم زيارة أبويها، أو أحد أقاربها، أو شرطت طلاق ضرتها.

وللفقهاء تفاصيل كثيرة في موضوع الشروط، وما يصح معه العقد وما لا يصح.

ومن الشروط اللازمة إذا شرطت ألا يتزوج عليها، فهذا يلزمه الوفاء به على قول الجمهور، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح؛ لأنها لا تحرم ما أحل الله له (٣). والله تعالى أعلم.


(١) "الفتاوى" (٣٢/ ١٠٨ - ١٦٦).
(٢) انظر: "الإنصاف" (٨/ ١٥٤).
(٣) "المغني" (٩/ ٤٨٣ - ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>