للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان لا يسمع ولا يشم لآفة أو مرض وتيقن بغير هذين الطريقين انتقض وضوؤه.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن المتطهر إذا شك في الحدث لم يلزمه الوضوء، بل يصلي بطهارته تلك حتى يتيقن أنه أحدث، إما بسماع صوت أو شم ريح.

وقد دل على ذلك - أيضاً - حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه أنه شكا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم الرجل الذي يخيل أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» (١).

الوجه الرابع: هذا الحديث دليل على قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة وهي (اليقين لا يزول بالشك)، وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وهي من القواعد الفقهية الكبرى التي يتخرج عليها فروع فقهية كثيرة في العبادات والمعاملات والعقود.

قال القرافي: (هذه قاعدة مجمع عليها، وهي أن كل مشكوك فيه يُجعل كالمعدوم الذي يُجزم بعدمه) (٢).

وقال أبو داود: (سمعت أحمد سُئل عن رجل يشك في وضوئه؟ قال: إذا توضأ فهو على وضوئه حتى يستيقن الحدث، وإذا أحدث في وضوئه فهو محدث حتى يستيقن أنه توضأ) (٣).

الوجه الخامس: هذا الحديث سند عظيم لإغلاق باب الوسوسة الذي يدخل منه الشيطان على العبد لإفساد طهارته وصلاته وعبادته.

وقد دل هذا الحديث على أنه لا ينبغي للمسلم أن يستسلم للوسواس، فإنه داء عضال، إذا اشتد بصاحبه لا ينفك عنه، فيقع في الحرج والمشقة،


(١) أخرجه البخاري (١٣٧)، ومسلم (٣٦١).
(٢) "الفروق" (١/ ١١١).
(٣) "مسائل الإمام أحمد لأبي داود" ص (١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>