للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: "ليس لكِ عليه نفقة"، فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: "تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده، فإذا حللتِ فآذنيني"، قالت: فلما حللت، ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما أَبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد"، فكرهته، ثم قال: "انكحي أسامة" فنكحته، فجعل الله فيه خيرًا، واغتبطت به.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الكفاءة في النسب غير معتبرة، وأنه يجوز زواج القرشية بالمولى الذي قد مسه الرق؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر فاطمة بنت قيس أن تنكح أسامة بن زيد، مع أنَّه ليس كفؤًا لها؛ لأنها قرشية، وهو من الموالي، وأن تصرف نظرها عن معاوية وأبي جهم، مع أنهما من قومها ومن عشيرتها ومن قريش، فدل ذلك على أن الكفاءة في النسب غير معتبرة، وتقدم في كتاب "الحج" حديث ضباعة بنت الزُّبَير وكونها تحت المقداد بن الأسود، فهي هاشمية أرفع منه نسبًا، لكونه من حلفاء قريش، وليس بقرشي، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (١).

وقد حكى ابن أبي موسى هذا القول رواية عن الإِمام أحمد (٢)، قال الشيخ محمد بن عثيمين: (وهو الصواب) (٣)، ودليل ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)} [الحجرات: ١٣].


(١) "الإنصاف" (٨/ ١٠٨).
(٢) "الإرشاد" ص (٢٦٨).
(٣) تعليقه على "الروض المربع" (٥١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>