وفي رواية لمسلم -أيضًا- من طريق شعبة، قال: سمعت عبد الرحمن بن القاسم، قال: سمعت القاسم يحدث عن عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - أنَّها أرادت أن تشتري بريرة … وساق الحديث إلى أن قال: فقال عبد الرحمن: وكان زوجها حرًّا. قال شعبة: ثم سألته عن زوجها، فقال: لا أدري.
وجاء عند البخاري (٦٧٥٤) أنَّه من قول الأسود بن يزيد الراوي عن عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، قال البخاري:(قول الأسود منقطع، وقول ابن عبَّاس: رأيته عبدًا، أصح)، قال إبراهيم بن أبي طالب أحد حفاظ الحديث، وهو من أقران مسلم، فيما أخرجه البيهقي عنه:(خالف الأسودُ الناسَ في زوج بريرة) وعلى هذا فرواية الأسود شاذة، والشاذ مردود، أما ما ورد. عن عبد الرحمن بن القاسم فقد تردد فيه، فلا يقوى على معارضة ما اتّفِقَ عليه (١).
وبهذا يتبين أن قول الحافظ: وفي رواية عنها: (كان حرًّا) وهم منه، فإنه من كلام عبد الرحمن بن القاسم لا من كلام عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، إلَّا إن كان الحافظ يريد رواية التِّرمِذي (١١٥٥)، وابن ماجة (١/ ٦٧٠) من طريق الأسود، عن عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قالت:(كان زوج بريرة حرًّا، فخيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
وهذه الرواية تمسك بها من قال: إن الأمة تُخير إذا عتقت ولو كانت تحت حر، كما سيأتي.
وأما حديث ابن عبَّاس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فقد أخرجه البخاري في كتاب "الطلاق"، باب (خيار الأمة تحت العبد)(٥٢٥٨) من طريق عكرمة، عن ابن عبَّاس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، قال:(رأيته عبدًا، يعني زوج بريرة) وفي لفظ (٥٢٨٢): (كان زوج بريرة عبدًا أسود، يقال له: مغيث، عبدًا لبني فلان؛ كأني أنظر إليه يطوف وراءها في سكك المدينة).
وحديث عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - في قصة بريرة حديث عظيم كثير الفوائد، استنبط منه الحافظ ابن حجر قريبًا من مائة وعشرين فائدة، وذكر أن بعض العلماء أفرده