للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من مس فرجه فليتوضأ» (١).

٣ - ومن مرجحات حديث بسرة أنه ناقل عن البراءة الأصلية التي هي عدم الوضوء من مس الذكر، والناقل عن البراءة الأصلية مقدم؛ لأن معه زيادة علم.

٤ - أن حديث بسرة أحوط وأبرأ للذمة.

المسلك الثالث: مسلك الجمع بين الحديثين، وهو مسلك جيد؛ لأن فيه عملاً بكلا الدليلين، وهؤلاء اختلفوا على قولين:

الأول: أن مس الذكر يستحب منه الوضوء مطلقاً عملاً بحديث بسرة، ولا يجب عملاً بحديث طلق بن علي، وقد بوب ابن خزيمة في صحيحه بقوله: (باب استحباب الوضوء من مس الذكر) ثم ذكر حديث بسرة، ثم روى بسنده عن مالك أنه قال: (أرى الوضوء من مس الذكر استحباباً ولا أوجبه)، وروى بسنده - أيضاً - عن الإمام أحمد أنه سئل عن الوضوء من مس الذكر، فقال: (أستحبه ولا أوجبه)، ثم اختار القول بوجوب الوضوء كقول الشافعي (٢). واختار هذا القول - وهو الاستحباب - ابن المنذر، وشيخ الإسلام ابن تيمية (٣).

الثاني: أنه إن كان المس بشهوة وجب الوضوء لحديث بسرة، وإن كان لغير شهوة لم يجب لحديث طلق، ويؤيد ذلك أنه قال في حديث طلق: «هل هو إلا بضعة منك»، فإن هذا يقتضي أن الحكم في مس الذكر كالحكم في مس سائر الأعضاء الذي لا يقارن مسه شهوة، فإن مسه مساً يخرج به عن مس نظائره من بقية الجسد وهو ما كان بشهوة وجب عليه الوضوء (٤). والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه أحمد (٥/ ١٩٤) وسنده جيد.
(٢) "صحيح ابن خزيمة" (١/ ٢٢).
(٣) "الأوسط " (١/ ٢٠٥)، "الفتاوى" (٢٠/ ٥٢٤) (٢١/ ٢٢٢، ٢٤١).
(٤) انظر: "الاستذكار" (٣/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>