للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمن أهل العلم من خصه بالضرر في البدن أو العقل دون الضرر في الدين، وهذا اختيار ابن دقيق العيد؛ لأنه وإن كان التخصيص على خلاف الأصل؛ لأن الأصل حمل اللفظ على عمومه، لكنه لو حمل على عمومه لاقتضى أن ما يقدر في هذا الجماع من الولد سيكون معصومًا من المعاصي كلها، وقد لا يتحقق ذلك، ولا بد من وقوع ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل حمله بعضهم على ما هو أخص من ذلك، وهو أن المراد به أن الشيطان لا ينخسه عند ولادته، كما ينخس غيره.

وقيل: معناه: إن الشيطان لا يسلط عليه تسلطًا يخرجه به عن الإسلام والفطرة، وقد يمسه الشيطان لكنه سرعان ما يثوب إلي رشده، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١)} [الأعراف: ٢٠١] وإلي هذا يميل الشيخ ابن باز.

وقيل: إن الشارع جعل لكل شيء أسبابًا وموانع، فإذا وجدت الأسباب وانتفت الموانع، وجد ما رتب على السبب، وإن لم توجد الأسباب، أو وجدت ولكن حصل معها شيء من الموانع لم يقع، فهنا قد يسمي المجامع ويدعو، ولكن توجد موانع تقتضي إبطال السبب أو ضعفه فلا يتحقق المطلوب، وهذا اختيار الشيخ عبد الله البسام (١).

* الوجه الخامس: في الحديث دليل على أن الشيطان ملازم لابن آدم في كل حال من أحواله، وأنه يتابع أعماله ليجد الفرصة في إغوائه وإضلاله ما استطاع، وهو يجري من ابن آدم مجري الدم، فهو على خيشومه إذا نام، وعلى قلبه إذا استيقظ، فإذا غفل وسوس، وإذا ذكر الله خَنَسَ، والمُوفَّق هو الذي لا يدع للشيطان فرصة، وذلك باستحضار ذكر الله تعالى، والاستعاذة به من شر الشيطان، أعاذنا الله الكريم منه.


(١) "تيسير العلام" (٣/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>