قوله:(عن العزل) هو أن ينزع الرجل ذكره من الفرج حتى لا ينزل فيه، لئلا يحصل الحمل، والذي حرك الصحابة للسؤال عن العزل أنهم خافوا أن يكون محرمًا؛ لأنه قطع للنسل.
قوله:(هو الوأد الخفي) بفتح الواو، ثم همزة ساكنة، هو دفن البنت وهي حية، يقال: وَأَدَ الرجل ابنته يئدها: دَفَنَها حية، فهي موؤدة، قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩)} [التكوير: ٨]. وكانت العرب تفعله في الجاهلية خشية الإملاق، وربما فعلوه خشية العار، وسميت موؤدة؛ لأنها تُثقل بالتراب، وهذا من التشبيه، والمعنى: أن العزل شبيه بالوأد؛ لأنه بالعزل قطع طريق الولادة، كما يُقتل المولود بالوأد، لكن لما كان صاحب العزل لم يباشر وأدًا وقتلًا حقيقة سمي بالوأد الخفي؛ لأن العزل نية وقصد، والوأد قصد وفعل، وهذا وجه تسميته خفيًّا.
° الوجه الرابع: الحديث دليل على أنه يجوز للرجل أن يطأ زوجته المرضع أو الحامل، وأنه لا ضرر على الطفل في ذلك.
وقد همَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينهى عن ذلك؛ لكونه مستكرهًا عند العرب؛ لأنهم أكثروا من انتقاد ذلك والتحدث بضرره، حتى إنهم قالوا: إنه ليدرك الفارس فيدعثره عن فرسه، لكنه - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل؛ لأنه نظر إلى فارس والروم وإذا هم يُغيلون، فيجامعون نساءهم وهن يرضعن، مع قوة أجسامهم وكثرة عددهم، مما يدل على أن ذلك لم يضر أولادهم، فسوَّى بينهم وبين العرب في هذا المعنى، وهذه تجربة، والتجربة هي سلم العلوم الطبيعية.
وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أعزل عن امرأتي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لم تفعل ذلك؟ "، فقال: أشفق على ولدها أو على أولادها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو كان ذلك ضارًا ضرَّ فارس والروم" وفي رواية: "إن كان ذلك فلا، ما ضَارَ ذلك فارس ولا الروم"(١).