للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي الشعثاء المحاربي، وسماكُ بن حرب، فهؤلاء الثلاثة من أجلة رواة الحديث، قد رووا عن جعفر بن أبي ثور هذا الخبر) (١).

وقد أخرجه مسلم - أيضاً - من هذين الطريقين: طريق سماك بن حرب وأشعث بن أبي الشعثاء.

وكأن ابن خزيمة يقصد بذلك - والله أعلم - الرد على من أعلّ الحديث بجعفر بن أبي ثور راويه عن جابر بن سمرة وأنه مجهول، ونُسب هذا إلى علي بن المديني (٢)، وهذا ليس بصحيح، فإن جعفراً هذا مشهور، وهو يروي عن جده جابر بن سمرة، وقد أودع مسلم حديثه في «صحيحه».

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الوضوء من لحم الغنم لا يجب، وإنما يباح لقوله: «إن شئت» لأنه غير ناقض للوضوء، ويكون هذا الوضوء بهذا الاعتبار تجديداً للوضوء السابق، فيستدل به على جواز ذلك.

الوجه الرابع: الحديث دليل على وجوب الوضوء من لحم الإبل؛ لقوله: «نعم» لأنه ناقض للوضوء، وهذا مذهب الإمام أحمد، وهو من المفردات، وبه قال إسحاق بن راهويه وابن المنذر وابن خزيمة واختاره البيهقي، وحكي عن جماعة من الصحابة، ورجحه ابن القيم (٣)، ورجحه النووي، وقال: (هذا المذهب أقوى دليلاً وإن كان الجمهور على خلافه) (٤).

وقال الجمهور ومنهم الأئمة الثلاثة: لحم الإبل لا ينقض الوضوء (٥)، واستدلوا بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (كان اخر الأمرين من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ترك الوضوء مما غيرت النار) وفي لفظ: (مما مسَّت النار) (٦).


(١) "صحيح ابن خزيمة" (١/ ٢١).
(٢) "تهذيب مختصر السنن" (١/ ١٣٦).
(٣) المصدر السابق.
(٤) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٢٨٨).
(٥) "بدائع الصنائع" (١/ ٣٢)، "المنتقى" للباجي (١/ ٦٥)، "المجموع" (٢/ ٥٧).
(٦) أخرجه أبو داود (١٩٢) واللفظ له، والترمذي (٨٠)، والنسائي (١/ ١٠٦)، وابن ماجه (٤٨٩)، وأحمد (٢٢/ ١٦٤) من طرق عن جابر -رضي الله عنه-، وهو حديث صحيح، ويشهد له ما رواه البخاري (٥٤٥٧) عن جابر -رضي الله عنه- أنه سئل عن الوضوء مما مسته النار، فقال: "لا".

<<  <  ج: ص:  >  >>