للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن كان صومه نفلًا جاز له الفطر؛ لأن الخروج من صوم التطوع لعذر جائز، كما مرَّ في كتاب "الصيام"، وإذا كان في إفطاره وأكله من طعام أخيه الذي دعاه جبر لخاطره وإدخال السرور على قلبه كان الأكل أَوْلى، وقد روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: صنعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا، فأتاني هو وأصحابه، فلما وضع الطعام، قال رجل من القوم: إني صائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعاكم أخوكم، وتكلف لكم"، ثم قال له: "أفطر، وصم مكانه يومًا إن شئت" (١).

° الوجه الرابع: استدل العلماء، وهم: الحنابلة والشافعية في أصح الوجهين عندهم، بحديث جابر - رضي الله عنه - على أن الواجب هو حضور الدعوة، أما الأكل فليس بواجب ولو كان المدعو مفطرًا؛ لأن الذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوعد على تركه هو الحضور، أما الأكل فلم يرد ما يدل على وجوبه، بل ورد ما يدل على التخيير، لكن الأكل أَوْلى؛ لأنه أكمل في الإجابة، وأبلغ في إكرام الداعي وجبر قلبه، إلا إن كان له عذر؛ كأن يكون قد أكل قبل حضوره، أو يكون الطعام لا يناسبه، وله طعام خاص، أو لغير ذلك من الأسباب التي تمنع الأكل، لكن إن تيسر جلوسه معهم وأكله ولو قليلًا من النوع الذي يشتهيه؛ كالفاكهة -مثلًا- فهو أفضل وأكمل.

وذهب الظاهرية، وبعض الشافعية، ورجحه النووي (٢)، إلى وجوب الأكل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإن كان مفطرًا فليطعم"، ولأن المقصود من الحضور الأكل، فكان واجبًا.

والراجح الأول وهو أن الأكل غير واجب؛ لأن الحديث صريح في تخيير المدعو بين الأكل وتركه، ويحمل الأمر في قوله: (فليطعم) على الاستحباب (٣)، وقولهم: إن المقصود الأكل فيه نظر، فإن المقصود هو


(١) أخرجه البيهقي (٤/ ٢٧٩) وإسناده حسن، كما قال الحافظ في "فتح الباري" (٤/ ٢١٠)، وحسنه الألباني في "الإرواء" (٧/ ١١ - ١٢).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٧/ ٢٧٦).
(٣) "طرح التثريب" (٧/ ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>