° الوجه الخامس: فيه دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يتكلف في وليمة الزواج بل كان يضع ما يتيسر، فتارة بخبز ولحم كما في وليمة عرسه - صلى الله عليه وسلم - بزينب -رضي الله عنها-، قال أنس - رضي الله عنه -: (ما أولم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على امرأة من نسائه أكثر أو أفضل مما أولم على زينب … )(١)، ولعل هذا باعتبار ما علمه أنس، أو لما وقع من البركة في وليمتها حيث أشبع المسلمين خبزًا ولحمًا من الشاة الواحدة، وإلا فقد أولم على ميمونة بأكثر من ذلك.
وتارة أولم بطعام من الشعير، وتارة بالسمن والتمر والأقط، والمقصود بهذا التوسعة على الأمة، وهذا يدل على أن الوليمة تكون بالمعروف، فالغني يولم بقدر غناه بدون إسراف ولا مباهاة، والفقير على حسب قدرته، والمتوسط كذلك.
ومما ينبغي التنبيه عليه والحذر منه ما وقع فيه كثير من الناس في هذا الزمان من الإسراف في وليمة العرس، وإنفاق الأموال في استئجار قصور الأفراح أو الفنادق، ثم كثرة الأطعمة وتنوعها، وما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة من تأخير أكل الطعام والسهر إلى ساعة متأخرة من الليل، مع ما قد يحصل في الفنادق من اختلاط الرجال بالنساء من عمال الفنادق وغيرهم، ثم امتهان ما تبقى من الأطعمة برميه في أماكن القمامة، وهذه منكرات عظيمة، وفي هذا كفر بالنعم، ويخشى منه زوالها مع العقوبة العاجلة، نسأل الله السلامة.
والواجب في هذا الاختصار ما أمكن، واختصار عدد المدعوين، واختصار الطعام نوعًا وقدرًا، والحذر من السهر، ولا سيما في ليالي الصيف، فإن أمكن إقامتها في المنزل وإلا فيستأجر إحدى المستراحات بأجرة مناسبة، فهذا أبعد عن الإسراف والتكلف.