للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الشمال (١).

وذهب جماعة من أهل العلم منهم ابن عبد البر، وابن حزم، وابن أبي موسى، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم إلى وجوب الأكل والشرب باليمين، وتحريم الأكل والشرب بالشمال، قال ابن القيم: (وهو أحد الوجهين لأصحاب أحمد) ولما ذكر ابن علَّان الاستحباب قال: (وقيل: وجوبًا؛ لما في غيره من الشَّرَهِ ولحوق الضرر بالغير، وانتصر له السُّبكي، وعليه نص الشافعي في "الرسالة" ومواضع من "الأم" .. ) (٢) وهذا قول قوي؛ لأن الأدلة الواردة في هذا الباب صحيحة وصريحة في الدلالة على المراد، وذلك كما يلي:

أولًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن استعمال الشمال في الأكل والشرب، وبيَّن أنه من عمل الشيطان، وعليه فمن أكل أو شرب بشماله فقد تشبه بالشيطان.

ثانيًا: صيغ الأمر الواردة في هذا الباب مع صيغ النهي، ولا صارف لها عن ظاهرها الذي هو الوجوب والتحريم.

ثالثًا: حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أن رجلًا أكل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بشماله، فقال: "كل بيمينك" قال: لا أستطيع، قال: "لا استطعت، ما منعه إلا الكِبْرُ" قال: فما رفعها إلى فيه (٣).

فهذا الذي امتنع من الأكل بيمينه وأصر على الأكل بشماله كبرًا وعنادًا، دعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه لم يكن له عذر، وقد أجاب الله تعالى دعاء نبيه - صلى الله عليه وسلم - حتى شُلَّت يمينه، فلم يرفعها لفيه بعد ذلك اليوم، وهذا دليل واضح على أن


(١) "المفهم" (٥/ ٢٩٥).
(٢) "الرسالة" ص (٣٤٩، ٣٥٣)، "الكافي" لابن عبد البر (٢/ ١١٣٨)، "المحلى" (٧/ ٤٢٤)، "الإرشاد" ص (٥٣٨)، "اقتضاء الصراط المستقيم" (١/ ٣٦٤)، "زاد المعاد" (٢/ ٣٩٧)، "الآداب الشرعية" (٣/ ١٦٨)، "فتح الباري" (٩/ ٥٢٢)، "الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية" (٥/ ١٨١ - ١٨٢).
(٣) رواه مسلم (٢٠٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>