للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (إن شئت سبعت لك) أي: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرها بين أن يبقى عندها سبع ليال، وإذا بقي عندها سبع ليال قضى ذلك لكل امرأة من نسائه.

وفي رواية لمسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تزوج أم سلمة فدخل عليها، فأراد أن يخرج أخذت بثوبه، فقال: "إن شئت زدتك وحاسبتك به، للبكر سبع، وللثيب ثلاث" وهذه الرواية تفيد سبب الحديث، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها ذلك لما أخذت بثوبه تستزيده من المقام عندها، فتلطف للرد عليها بهذا الكلام الحسن، وبيَّن لها الحكم في ذلك.

وقد جاء في رواية عند مسلم -أيضًا-: "إن شئت سبعت عندك، وإن شئت ثلثت، ثم دُرْتُ" قلت: ثلِّثْ.

والثلاث فيها مزية بعدم القضاء، وفي السبع مزية لها بتواليها، وكمال الإنس فيها، فاختارت الثلاث لكونها لا تُقضى، وليقرب عوده إليها، فإنه يطوف عليهن ليلة ليلة ثم يأتيها.

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على استحباب ملاطفة الأهل وبيان ما يجب لهم وما لا يجب، والتخيير فيما هو لهم، حتى لا يقع في النفوس شيء، فمن كان عنده أكثر من زوجة، بين لهن أحكام العشرة وأحكام القسم، حتى تعرف المرأة حكم الله تعالى في ذلك، ولا تتهم زوجها بأنه ظلمها وهو بريء من ذلك.

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن الزوج يخير الزوجة الجديدة بعد الثلاث إذا كانت ثيبًا، فإن شاءت كمل عندها سبعًا، ثم أقام عند كل واحدة من نسائه سبعًا، وسقط حقها من الثلاث؛ لأنها لما طلبت الزيادة لغى حقها من الإيثار، وهو ثلاث ليال.

وإن شاءت اكتفت بالثلاث ولا يقضي، بل يدور على نسائه كل واحدة ليلتها فقط، ذلك لأن الحق لها كما تقدم في قوله: "للبكر سبع، وللثيب ثلاث" فإذا خيرها واختارت السبع سقط حقها من الثلاث.

° الوجه الخامس: في الحديث دليل على حسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - وملاطفته لأزواجه بالكلام الجميل، فإنه - صلى الله عليه وسلم - مهَّد لما سيقول لها من حكم الشرع بهذا التمهيد الحسن، وهو قوله: "ليس بك هوان على أهلك". والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>