للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فأذن له أزواجه) أي: بعد أن استأذنهن، كما في رواية أبي داود الآتية، وعند ابن سعد من طريق الزهري: استأذن نساءه أن يكون في بيت عائشة، ويقال: إنما قالت ذلك لهن فاطمة، فقالت: إنه يشق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاختلاف (١)، ولا منافاة بينهما؛ لأنه يمكن الجمع بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استأذن واستأذنت له فاطمة - رضي الله عنها -.

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على أن المريض يقسم بين نسائه، وأن المرض ليس عذرًا في ترك القسم؛ لأن الغرض منه المبيت والعشرة وليس الجماع فقط، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرض وأشتد مرضه ومع ذلك كان يقسم حتى إنه كان ينسى صاحبة النوبة، ويقول: "أين أنا غدًا؛ أين أنا غدًا" كما تقدم في رواية البخاري، ومعلوم أن المرض يشغل الإنسان، ويضعف الذاكرة، ثم استأذن أزواجه أن يكون عند عائشة فأذنَّ له، وقد جاء عند أبي داود وأحمد من حديث عائشة - رضي الله عنها -: "إني قد اشتكيت، وإني لا أستطيع أن أدور بينكن، فائذنَّ لي فلأكنْ عند عائشة" (٢).

فإذا ثقل المريض وعجز عن الطواف على نسائه فظاهر ترجمة البخاري أن الرجل يستأذن نساءه في أن يُمَرَّضَ في بيت إحداهن، فإن أذن وإلا أقرع بينهن، فمن قَرَعَتْ استقر عندها؛ لأن القرعة من باب العدل، وبها تطيب النفوس؛ لأن اختيار واحدة منهن قد يثير شيئًا في أنفس الباقيات، وهذا كله من كمال الشريعة، ومن حسن العشرة التي شرع الله جل وعلا. والله تعالى أعلم.


(١) "الطبقات" (٢/ ٢٣١ - ٢٣٢)، قال الحافظ في "فتح الباري" (٨/ ١٤١): (إسناده صحيح) وهذا من مراسيل الزهري، ثم إنه لم يجزم بذلك بل قال: (ويقال: … ).
(٢) "السنن" (٢٦٣٧)، "المسند" (٤٣/ ٣٤) وسنده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>