للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

قوله: (لا يجلد) بصيغة النهي، فالدال ساكنة للجزم، ويجوز الرفع على النفي، وقد جاء مضبوطًا بهما في النسخ المعتمدة (١)، والجلد: مصدر جلد من باب (ضرب)، وهو الضرب بالسوط، واشتقاقه من جلد الحيوان: وهو غشاء جسمه.

قوله: (جلد العبد) مصدر منصوب مبين للنوع؛ أي: مثل جلد العبد، وفي رواية للبخاري: "ضرب الفحل أو العبد"، وفي رواية عند مسلم: "جلد الأمة".

قوله: (ثم يجامعها آخر اليوم) الغرض من هذه الجملة التنفير عن ضرب المرأة، فإن العاقل يبعد منه أن يجمع بين هذا وذاك؛ لأن المجامعة أو المضاجعة إنما تستحسن مع ميل النفس والرغبة في المعاشرة، والمجلود غالبًا ينفر ممن جلده.

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن الزوج منهي أن يضرب زوجته ضربًا شديدًا كضرب الحيوانات والمماليك؛ لأن زوجته هي سكنه وأم أولاده فلا يليق أن يضربها، بل عليه أن يحسن إليها ويلطف بها ويبتعد عن ضربها مهما أمكن؛ لأن الله تعالى جعل الضرب آخر مراحل علاج النشوز، فقال تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: ٣٤]، ولأن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله … ) (٢)، قال النووي: (فيه أن ضرب الزوجة والخادم والدابة وإن كان مباحًا للأدب فتركه أفضل) (٣).

وقال المناوي: (فيه جواز ضرب النساء والخدم للتأديب، إذ لو لم يكن


(١) انظر: "صحيح البخاري" طبعة الناصر (٧/ ٣٢).
(٢) رواه مسلم (٢٣٢٨).
(٣) "شرح صحيح مسلم" (١٥/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>