للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي هو الوجوب إلى معناه المجازي - أعني الاستحباب ـ، فيكون القول بذلك هو الحق، لما فيه من الجمع بين الأدلة بوجه مستحسن .. ) (١).

ولا يجب الوضوء من غسل الميت في أظهر قولي العلماء؛ لأن الوجوب يحتاج إلى دليل.

وقد اختلف العلماء في الحكمة من الأمر بالغسل لمن غسل ميتاً:

١ - فقيل: لأن تغسيله قد يورث للغاسل انكساراً وضعفاً وانحلالاً في القوة بسبب مشاهدة الميت وتذكر ما وراء الموت، فيسن الغسل لذلك، كما يُشرع الغسل من الجماع لوجود الضعف، وكذا الحيض والنفاس.

٢ - وقيل: لأن الغاسل لا يأمن أن يقع على بدنه شيء من رشاش الماء الذي غُسل به الميت، وقد يكون على بدن الميت نجاسة، فإذا أصاب شيئاً من بدنه وهو لا يعلم مكانه سن له غسل جميع بدنه، قاله الخطابي (٢).

الوجه الثالث: يدل الحديث بظاهره على وجوب الوضوء من حمل الميت، لكن الحديث فيه ما تقدم، فلا ينهض على وجوب الوضوء، ولم يرد في الباب شيء، كما ورد في الغُسل من غسل الميت.

قال الخطابي: (لا أعلم أحداً من الفقهاء يوجب الاغتسال من غسل الميت، ولا الوضوء من حمله، ويشبه أن يكون الأمر في ذلك على الاستحباب، وقد يحتمل أن يكون المعنى فيه: أن غاسل الميت لا يكاد يأمن أن يصيبه نضح من رشاش الغسول، وربما كان على بدن الميت نجاسة، فإذا أصابه نضحه - وهو لا يعلم مكانه - كان عليه غسل جميع البدن، ليكون الماء قد أتى على الموضع الذي أصابه التنجيس من بدنه.

وقد قيل: معنى قوله: (فليتوضأ)، أي: فليكن على وضوء، ليتهيأ له الصلاة على الميت، والله أعلم) (٣).


(١) "نيل الأوطار" (١/ ٢٨٠).
(٢) "معالم السنن" (٤/ ٣٠٥).
(٣) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>