للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: لأن السكران في غفلة، وغفلته فوق غفلة النائم؛ لأن النائم يمكن أن ينتبه إذا نبه، والسكران لا ينتبه، وبما أن طلاق النائم لا يقع، فكذا طلاق السكران لا يقع بل هو أولى.

وهذا القول هو الأظهر -إن شاء الله- لزوال التكليف، ولأن الله تعالى نهى عن قربان الصلاة حال السكر، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (٤٣)} [النساء: ٤٣] {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] والسكران لا يعلم ما يقول، ومن كان كذلك كيف يكون مكلفًا وهو غير فاهم ما يقول؟!

أما قولهم: يقع عقوبة، فهذا فيه نظر من وجهين:

١ - أن عقوبة السكران مقدرة في الشرع وهي الجلد، فلا يعاقب بغيره ما لم يرد به الشرع.

٢ - أن العقوبة ينبغي ألا تتجاوز من ارتكب الجرم، والعقوبة هنا تتجاوزه إلى زوجته وأولاده.

أما من زال عقله بمباح كمن أعطي بنجًا لعملية جراحية أو شرب مسكرًا مكرهًا، أو نحو ذلك مما لا يدخل تحت الرضا والاختيار، فإنه لا يقع طلاقه إجماعًا (١). والله تعالى أعلم.


(١) "المبدع" (٧/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>