للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الحديث تابع فيه الحافظ ابن حجر ابن عبد الهادي في "المحرر" فذكره في باب (الإيلاء) مع أن الإيلاء الذي عقد له الباب محرم شرعًا يأثم به من علم بحاله، فلا تجوز نسبته للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم تكن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدم الدخول على نسائه شهرًا من هذا القبيل، وإنما المراد به الإيلاء اللغوي الذي هو الحلف مطلقًا. وقد أدخل البخاري حديث أنس: (آلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه … ) تحت باب قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ .... }.

° الوجه الرابع: ثبت في حديث أنس - رضي الله عنه - كما تقدم- أنه - صلى الله عليه وسلم - آلى من نسائه شهرًا، وقد اختلفت الروايات في سبب إيلائه - صلى الله عليه وسلم - من نسائه، وفي الشيء الذي حرمه، على أقوال، أشهرها قولان:

الأول: أنه تحريم العسل، كما ثبت في "الصحيحين" من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

الثاني: أنه تحريم الجارية، لما ورد في "سنن النسائي" عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت له أمة يطؤها، فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} وهذا هو الأظهر، ويؤيده أمران:

١ - أن تحريم الجارية مما يبتغى بمثله مرضاة الضرات.

٢ - أن روايات شرب العسل لا تدل على أنه حرمه ابتغاء مرضاتهن، بل فيها أنه حلف لا يشربه أنفة من ريحه.

وأما تخريج رواية العسل في هذه الآية، وقول بعض السلف نزلت فيه، فالمراد منه أن الآية تشمل قصته بعمومها (١).

وقيل: إن سبب إيلائه أنه فَرَّقَ هدية له بين نسائه، فلم ترض زينب بنصيبها، فزادها، فلم ترض، فقالت عائشة: لقد أقمأتْ (٢) وجهكَ حين ردتْ


(١) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية (٧/ ٣٤٠)، "تفسير القاسمي" (٧/ ١٣٣)، "فتح الباري" (٩/ ٢٨٩)، "المحرر في أسباب نزول القرآن" (٢/ ١٠٢٧).
(٢) قَمُؤَ الرجل قماءة: صغر وذلَّ في الأعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>