للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد حكم بصحته عمن علقه عنه، وهو لا يستجيز إطلاق ذلك إلا إذا صح عنده ذلك عنه، أما ما لم يكن بصيغة الجزم مثل: رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كذا، أو رُوي عن فلان كذا فهذا لا يحكم بصحته، لكن إيراده له في صحيحه مشعر بصحة أصله، فيستأنس به ويركن إليه.

وهذا الحديث من المعلقات التي لم توجد موصولة في موضع اخر عند البخاري، وقد ذكر الحافظ في المقدمة (١): أنه علق هذا الحديث لكونه لا يلتحق بشرطه، مع أنه صحيح على شرط غيره، وذلك من أسباب التعليق عند البخاري.

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يذكر الله) صيغة المضارع بعد لفظة (كان) تدل على كثرة التكرار والمداومة على ذلك الفعل، ما لم يوجد قرينة، وقد تقدم ذلك.

قوله: (يذكر الله) المراد بذكر الله: كل ما يذكّر بالله تعالى، من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار وتلاوة القران، فالذكر أعم من أن يكون بالقران أو بغيره، وإنما فرق بين الذكر والتلاوة بالعرف.

قوله: (على كل أحيانه) (على) للظرفية بمعنى (في) (٢) أي: في كل أوقاته، كقوله تعالى: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} [القصص: ١٥]، وقوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: ١٠٢] على أحد القولين، والأحيان: جمع (حين) وهو الزمان قلّ أو كثر، وهذا من العام الذي أريد به الخاص أي: معظم أحيانه، كما سيأتي.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن ذكر الله تعالى لا تشترط له الطهارة، بل يجوز ذكر الله تعالى على كل حال من الأحوال؛ لأن عموم


(١) "هدي الساري" ص (١٧).
(٢) بناءً على القول بأن الحروف يقوم بعضها مقام بعض، وهي مسألة خلافية، محلها كتب النحو، باب "حروف الجر".

<<  <  ج: ص:  >  >>