للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] هي الأطهار، كما سيأتي، وليست الحِيَضَ، فلو كان عندها علم من النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك لما قالت الأقراء هي الحِيَضُ. ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المختلعة أن تستبرئ بحيضة كما تقدم في "الخلع" ومن عتقت فهي أولى؛ لأن الحِيَضَ الثلاث إنما جعلت في حق المطلقة؛ ليطول زمن الرجعة، واختيار العتيقة نفسها ليس طلاقًا، فكان القياس أن تعتد بحيضة، وقد نصَّ شيخ الإِسلام ابن تيمية على أن الحديث معلول، وتبعه تلميذه ابن القيم فقال: (إنه يبعد أن تكون الثلاثُ حِيَضٍ محفوظة) (١)، وقد روى ابن أبي شيبة (٥/ ١٨١) عن حفص بن غياث، عن هشام، عن الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بريرة أن تعتد عدة الحرة. ورواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (٢/ ٢٤٧)، والبيهقي (٧/ ٤٥١) عن عائشة - رضي الله عنها - مرفوعًا بسند ضعيف.

* الوجه الثاني: استدل بهذا الحديث من قال: إن الأمة إذا عتقت تحت العبد فاختارت نفسها أنها تعتد عدة الحرة ثلاث حيض؛ لأنها بانت من زوجها وهي حرة، وهذا قول الجمهور، واختاره ابن حزم (٢).

والقول الثاني: أنها تعتد بحيضة، وهو اختيار ابن تيمية، ونصره ابن القيم، ولعل هذا مبني على أن اختيارها نفسها بعد عتقها فسخ، وليس بطلاق؛ لأنها فرقة من قبل الزوجة، فكانت فسخًا، قال ابن تيمية: (والقرآن ليس فيه إيجاب العدة ثلاثة قروء إلا على المطلقات، لا على من فارقها زوجها بغير طلاق … ) (٣).

وقال ابن القيم: (المعتقة إذا فُسخت فهي بالمختلعة والأمة المستبرأة أشبه، إذ المقصود براءة رحمها، فالاستدلال على تعدد الأقراء في حقها بالآية غير صحيح؛ لأنها ليست مطلقة، ولو كانت مطلقة لثبتت لزوجها عليها الرجعة) (٤). والله تعالى أعلم.


(١) "الفتاوى" (٣٢/ ١١١)، "تهذيب مختصر السنن" (٣/ ١٤٧).
(٢) "المحلى" (١٠/ ٢٥٦).
(٣) "الفتاوى" (٣٢/ ٣٤٠).
(٤) "تهذيب مختصر السنن" (٣/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>