للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (تربص) هذا تعبير الحافظ، وليس في الحديث، كما تقدم، ومعناه: تنتظر مدة أربع سنين، فلا تتزوج.

قوله: (حتى يأتيها البيان) أي: خبر زوجها أحي هو أم ميت؟ ثم تبني حكمه على ما تبين لها.

* الوجه الثالث: استدل بهذا الأثر عن عمر - رضي الله عنه - وما ذكر من آثار أخرى عن الصحابة - رضي الله عنهم - على أن امرأة المفقود تنتظر مدة أربع سنين منذ فقدت زوجها، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرًا، ثم تتزوج، وقد حمل الفقهاء هذا على من كان ظاهر غيبته الهلاك، كمن فقد من بين أهله لغير سبب معروف، أو فقد في غرق مركب، ونحو ذلك.

وهذا التقدير هو المشهور من مذهب الإمام أحمد (١).

فإن كان ظاهر غيبته السلامة كالمسافر لتجارة أو طلب علم أر سياحة فهذا يضرب له أجل قدره تسعون سنة منذ ولد قطعًا للشك؛ لأن الغالب أن الإنسان لا يعيش بعد ذلك.

والقول الثاني: أنه يرجع في تقدير المدة إلى اجتهاد الحاكم أو من يقوم مقامه كالقاضي، ولا يحدد الانتظار بأربع سنين ولا بتسعين ولا بغير ذلك، وهذا هو الصحيح عند الشافعية، وظاهر مذهب الحنفية، وإحدى الروايتين عن أحمد (٢)، لعدم الدليل على التحديد، وإذا تعذر الوصول إلى اليقين يرجع إلى غلبة الظن في كل مسائل الدين، فيجتهد القاضي في تقدير مدة الانتظار، ويختلف ذلك باختلاف الأوقات والوسائل التي تستعمل في البحث عن المفقود، ولا سيما في زماننا هذا الذي توفرت فيه وسائل المواصلات وأسباب الاتصال من الهواتف والبرقيات وغير ذلك، وهذا بخلاف الزمان السابق الذي لم يحصل فيه شيء من ذلك.


(١) "المغني" (١١/ ٢٤٧).
(٢) "نهاية المحتاج" (٦/ ٢٨)، "حاشية ابن عابدين" (٣/ ٣٣١ - ٣٣٢)، "الإنصاف" (٧/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>