للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لمدة قصيرة فالمبيت من باب أولى؛ لأن الخطر فيه أكثر، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان" (١).

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رَحمهُ اللهُ: (لكن في مثل زماننا هذا قد يُتهم المحرم، سواء أكان من النسب أم من الرضاعة، فينبغي للمرأة التَّوَقِّي ولو كان محرمًا؛ لأن بعض المحارم لا يؤمن، فلا يبيت عندها إلا إذا كان معها غيرها من النساء، فالحاصل أن المقام مقام عظيم خطير، والواجب على المرأة أن تتحرى أسباب الأمن وتبتعد عن أسباب الخطر) (٢).

* الوجه الرابع: حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أعم من حديث جابر - رضي الله عنه - حيث دل على تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية ليلًا أو نهارًا، لما يترتب على الخلوة من المفاسد العظيمة؛ لأنه إذا اجتمع نقصان الإيمان وضعف النفوس ووجود الدوافع إلى المعصية وقع المُحَرَّمُ، وتحريم الخلوة من باب تحريم الوسائل، والوسائل لها أحكام المقاصد، فنهيُ الشرع عن الخلوة ابتعادًا عن الشر وأسبابه.

وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إياكم والدخولَ على النساء"، فقال رجل من الأنصار: يا رسول لله، أفرأيت الحَمْوَ؟ قال: "الحَمْوُ الموتُ" (٣). والحمو: قريب الزوج كالأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن يحل له أن يتزوج بها لو لم تكن متزوجة، ومعناه: أن الحمو مثل الموت؛ لما يترتب على دخوله الذي لا ينكر من الهلاك الديني، والدمار الأمدي، والناس قد يتساهلون به، فيحصل من ذلك ما لا تحمد عقباه، وإذا نهي عند الدخول فالنهي عن الخلوة من باب أولى.

* الوجه الخامس: في الحديث دليل على كمال الشريعة الإسلامية وحرصها على صون الأعراض ومنع الفساد. والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه الترمذي (٢١٦٥)، والحاكم (١/ ١١٤)، والبيهقي (١/ ٩١)، وصححه الألباني في "الإرواء" (٦/ ٢١٥) بطرقه وشواهده، وقد تقدم ذكره في "الحج" (٧١٨).
(٢) من شرح الشيخ عبد العزيز المسجل في الأشرطة.
(٣) تقدم تخريجه في "الحج" عند الحديث (٧١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>