قوله:(فإنما الرضاعة من المجاعة) أسلوب قصر، والمجاعة: بفتح الميم خلو المعدة من الطعام؛ أي: لا رضاعة معتبرة إلا المغنية أو المطعمة من المجاعة، والمعنى: أن الرضاعة التي تثبت بها الحرمة وتحل بها الخلوة هي ما أذهب الجوع بحيث يكون الرضيع طفلًا يسد اللبن جوعته، فينمو منه وينبت لحمه، فيصير كجزء من المرضعة.
* الوجه الثالث: في الحديث دليل على أن مطلق الرضاع لا يحرم، وإنما الذي يحرم هو ما يسد الجوع، ويغذي الطفل، فيكون حينئذٍ كالجزء من المرضعة، فيصير كأحد أولادها، تغذى في بطنها وصار بضعة منها.
* الوجه الرابع: في الحديث دليل على أنه ينبغي التثبت من وجود الرضاع المحرم، من حيث زمانه ومن حيث عدده؛ لأن من الرضاع ما لا تثبت به المحرمية.
* الوجه الخامس: في الحديث دليل على أنه يجب على الرجل أن يكون عنده غيرة على أهله ومحارمه من مخالطة الأجانب، وأن الرجل يسأل زوجته عما يشكل عليه، بشرط ألا يصل الأمر إلى حَدِّ الشكوك والأوهام.
* الوجه السادس: في الحديث دليل على أنه يقبل قول المرأة فيمن اعترفت برضاعه مع الإرشاد إلى الاحتياط في ذلك.
* الوجه السابع: جاء الرضاع في القرآن مطلقًا، كما تقدم في قوله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}[النساء: ٢٣] وظاهره ثبوت حكم الرضاع بمطلق الرضاع قل أو كثر، لكن هذا الحديث قيد مطلق القرآن. والله تعالى أعلم.