للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (إنها ابنة أخي … ) جملة مستأنفة لتعليل تحريم ابنة حمزة على الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن حمزة أخ للنبي - صلى الله عليه وسلم - من الرضاع أرضعتهما ثويبة، وهي مولاة لأبي لهب (١)، فيكون النبي - صلى الله عليه وسلم - عم ابنة حمزة - رضي الله عنه -.

قوله: (ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) من: سببية؛ أي: يحرم النكاح بسبب الرضاعة كما يحرم بسبب النسب، ولهذا سمى الله تعالى المرضعة أمًا والمرتضعة أختًا.

* الوجه الثالث: في الحديث دليل على أن ما حرمه النسب وهو القرابة يحرمه الرضاع، وقد ذكر الله تعالى في القرآن المحرمات بالنسب؛ أي: بالقرابة وهن سبع: الأمهات، والجدات وإن علون، والبنات، وبنات الأولاد وإن نزلن، والأخوات مطلقًا … إلخ، فتكون المحرمات من الرضاع سبعًا -أيضًا-، وذلك أن كل امرأة حرمت نسبًا حرمت من تماثلها رضاعًا، كالأم من الرضاع، والبنت من الرضاع، والأخت من الرضاع، والعمة من الرضاع … وهكذا.

وقد ذكر الله تعالى أن المحرمات بالرضاع: الأمهات وإن علون، والأخوات، وجاءت السنة ببيان الباقي كما في حديث الباب.

فهذا من جهة العدد، أما من جهة الحد، فالقاعدة في باب الرضاع: أن الرضاع ينشر الحرمة إلى المرتضع وفروعه، دون أصوله وحواشيه، فتنتشر الحرمة إلى أبنائه وبناته ونسلهم، فيكونون أولادًا للمرضعة ولصاحب اللبن، أما أصوله من أب أو أم وآبائهما، أو حواشيه من إخوة وأخوات فلا يتعلق بهم تحريم؛ لأن قرابات الرضيع ليس بينهم وبين المرضعة ولا زوجها نسب ولا سبب، فلم يتعلق بهم تحريم (٢).

وأما المرضعة فإن الرضاع ينشر الحرمة إلى فروعها وأصولها وحواشيها، فأولاد الزوج وزوجته المرضعة؛ إخوة المرتضع وأخواته، وآباؤهما أجداده


(١) "صحيح البخاري" (٥١٠١)، "صحيح مسلم" (١٤٤٩).
(٢) "المفهم" (٤/ ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>