للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عصره: (رأيت قلال هجر، والقلة تسع قربتين أو قربتين وشيئاً)، قال الشافعي: (الاحتياط أن تكون القلتان قربتين ونصفاً)، وتقدران بحوالي (٣٠٧) لترات، أو (١٠٢) كيلو (١)، وهذا هو ضابط الماء الكثير، وما كان أقل هو الماء القليل، وهو الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو قول الشافعي وأحمد؛ لأنه عمل بالنص، وأما العمل بالتحديد بالظن والراجح فهو ضعيف؛ لأن الطهور من أصل الدين، فلا بدَّ من دليل من كتاب أو سنة، والله المستعان.

قوله: (لم يحمل الخبث) - بفتحتين ـ: هو النجس، ومعنى «لم يحمل الخبث» أي: لم يقبل النجاسة، بل يدفعها عن نفسه فلا تؤثر فيه.

قوله: (لم يَنْجَسْ) وهي عند الحاكم بلفظ: «لم ينجسه شيء» وعن أبي داود في رواية: «فإنه لا ينجس» وهو بفتح الجيم من باب تعب، فالماضي (نَجِس) بكسر الجيم، ويجوز ضمها في المضارع، من باب قتل يقتل، فالماضي (نَجَس) بفتح الجيم، وفائدة إيراد هذه الرواية أنها أصرح في المقصود من الرواية الأولى، لاحتمال قوله: «لا يحمل الخبث» أنه يضعف عن حمل الخبث، فلا يَحْتمل وقوعه فيه، بل ينجسه، وهذا وإن كان احتمالاً ضعيفاً إلا أن بعض العلماء ذكره، لكن هذه الرواية مفسرة للمراد، وترد على من فهم أن المراد أنه يضعف عن حمل النجاسة.

الوجه الرابع: الحديث بمنطوقه دليل على أن الماء الكثير - وهو ما بلغ قلتين فأكثر - إذا وقعت فيه نجاسة، فإنه لا ينجس سواء أتغير أم لم يتغير، وهذا المنطوق بهذا العموم لا يصح، لما تقدم من نقل الإجماع على أن الماء إذا غيرته النجاسة نَجِسَ مطلقاً، سواء أكان قليلاً أم كثيراً.

ودل الحديث بمفهومه على أن القليل وهو ما دون القلتين ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة، سواء أتغير أم لم يتغير، وهذا الحكم هو المخالف لحكم المنطوق، لكنه لا يؤخذ على عمومه؛ لأنه لا يشترط أن يكون حكم المفهوم


(١) "الأم" (١/ ١٨)، "الإيضاح والتبيان" ص (٧٩ - ٨٠)، "مجلة البحوث الإسلامية" عدد (٥٩) ص (١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>