للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذا حديث جابر - رضي الله عنه - فقد تقدم تخريجه في باب (صفة الحج) من كتاب "الحج" برقم (٧٤٢)، وهذه الجملة مما حذفه الحافظ -هناك- عند سياقه للحديث، ولذا لم يقل الحافظ إنه تقدم كالذي قبله.

* الوجه الثاني: في الحديث دليل على وجوب نفقة الزوجة وكسوتها على زوجها وهذا أمر مجمع عليه بين أهل العلم (١).

ووجه الاستدلال من الحديث الأول: أن قوله: "تطعمها … " جاء جوابًا لقول السائل: (ما حق زوجة أحدنا عليه؟)، ولفظة: (حق) تقتضي الوجوب، لا سيما مع وجود القرائن، ومنها لفظة: (على) فإنها من الحروف الدالة على الإيجاب، كما ذكره الأصوليون.

ووجه الاستدلال من الحديث الثاني: أن صيغة: (لهن عليكم) تفيد إلزام الأزواج بالنفقة والكسوة، وهذا يقتضي الوجوب، ونفقة الزوجة أقوى النفقات، كما تقدم؛ لأنها معاوضة، فتطالب بها أو لها الفسخ؛ لأن الزوجة محبوسة على الزوج يمنعها من التصرف والاكتساب، ومن القواعد المقررة في الشريعة أن من حُبس لِحَقِّ غيره فنفقته واجبة عليه (٢).

* الوجه الثالث: في الحديث دليل على أن نفقة الزوجة وكسوتها واجبة بالمعروف، وهو المعتاد في بيئتها وزمانها من غير تقتير ولا تبذير، وهذا يدل على أن نفقة الزوجة معتبر فيها الكفاية؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم ينص على مقدار معين، بل ترك ذلك إلى المعروف، لاختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال والأشخاص.

وفي حديث حكيم بن معاوية أن حقها على زوجها أن يطعمها من طعامه ويكسوها من كسوته، ولا ريب أن هذا من كمال المروءة ومن مكارم الأخلاق، فلا يقدم نفسه عليها أو يميزها عنه، ويتأكد هذا فيمن عنده أكثر من زوجة. والله تعالى أعلم.


(١) "المغني" (١١/ ٣٤٨).
(٢) "المغني" (١١/ ٣٤٨)، "آثار عقد الزواج" ص (١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>