للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فإن لم يجلسه معه) أي: إن الأفضل أن يجلسه معه؛ لما فيه من التواضع وعدم الترفع على المسلم.

قوله: (فليناوله) ظاهر الأمر الإيجاب وأنه يناوله من الطعام ما ذكر، وقيل: إن الأمر للندب.

قوله: (أُكلة أو أُكلتين) الأُكلة: بضم الهمزة هي اللقمة، وعليه فإن اللفظين المشكوك في أيهما الوارد متحدان من حيث المعنى، و (أو) للتقسيم بحسب حال الطعام وحال الخادم.

قوله: (فإنه ولي حره وعلاجه) وعند مسلم (ودخانه) والجملة مستأنفة للتعليل، والمعنى: أن الخادم قد تعلقت نفسه بهذا الطعام، فإنه تولى عمله وإعداده وناله من حره ودخانه ما ناله.

قوله: (مشفوهًا) أي: قليلًا؛ لأن الشِفَاهَ كثرت عليه حتى صار قليلًا، وقوله: (قليلًا) أي: قليلًا بالنسبة إلى من اجتمع عليه.

* الوجه الثالث: في هذا الحديث حث على مكارم الأخلاق، وأمر بالتواضع وترك التكبر على العبد والخادم، وذلك بالإرشاد إلى هذا الأدب العظيم، وهو أن الخادم إذا أعدَّ الطعام وقدمه للأكل فإنه ينبغي لسيده مراعاة خادمه، وذلك بأن يجلسه معه للأكل أو يناوله منه لقمة أو لقمتين؛ لأنه ولي حره ودخانه، وتعلقت به نفسه، وشمَّ رائحته، وهذا إما على الاستحباب، أو على الوجوب، كما تقدم، والحديث محمول على ما إذا كان الطعام يختلف، بأن كان السيد ونحوه يمتاز بشيء من الطعام عن خدمه، أما إذا كان الطعام واحدًا فلا حاجة إلى ما ذُكر.

والأفضل الأكمل أن يكون طعام المخدوم والخادم واحدًا، كما تقدم في حديث أبي ذر - رضي الله عنه -: "فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون"، وقد تقدم نقل الإجماع على أن هذا ليس للوجوب؛ لأن الواجب نفقة المملوك وكسوته بالمعروف، بدليل هذا الحديث؛ فإنه لما أُمر أن يناوله لقمة أو لقمتين دل على أن مساواته غير واجبة، وقد ألحق العلماء حامل الطعام بمن صنعه؛ لوجود المعنى فيه، وهو تعلق نفسه به. والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>