للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعده، وفي يد عمر بعد أبي بكر، فلما كان عثمان جلس على بئر أريس، قال: فأخرج الخاتم فجعل يعبث به، فسقط، قال: فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان فننزح البئر، فلم نجده (١).

الوجه الثالث: استدل بهذا الحديث من قال بكراهة دخول الخلاء بما فيه ذكر الله تعالى، واستحباب تنحيته، ولم يرد في ذلك إلا الفعل المجرد، فلا يدل على الوجوب، وإنما على الاستحباب، وهذا على فرض ثبوت الحديث.

والقول بالكراهية هو المشهور عند العلماء، ومنهم الحنابلة، وهي رواية عن أحمد، نص عليها في رواية إسحاق (٢)، لكن نقل ابن مفلح عن الإمام أحمد أنه لا يكره (٣)، وذكرها ابن رجب، ونسب ذلك إلى كثير من السلف (٤)، قال ابن مفلح: (وعنه: لا يكره دخول الخلاء بذلك، ولا كراهة هنا، ولم أجد للكراهة دليلاً سوى هذا، وهي تفتقر إلى دليل، والأصل عدمه) (٥) وذكر في «نُكته على المحرر» عن بعض الحنابلة أن إزالة ذلك أفضل، (قال: وهذا قول ثالث، ولعله أقرب). اهـ (٦)، وعلى هذا فلا يلزم من ترك الأفضل الوقوع في المكروه، والله أعلم.

وإن كان فيه شيء من القران فهو أشد، وحكم بعضهم بالتحريم، لحرمة كلام الله تعالى، قال سبحانه: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة: ٧٧]، وقال تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}، ودخول الخلاء فيه نوع من الإهانة.

وهذا إن تيسر، فإن خاف على ما معه أن يسرق أو تطير به الرياح أو ينساه فلا كراهة؛ لأن من الناس من يغلب عليه النسيان، فيضعه في مكان، ثم ينساه، وكذا المصحف إن خاف أن يسرق دخل به، والأحوط ألا يدخل به مطلقاً، بل يعطيه من يحفظه له حتى يخرج، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه البخاري (٥٨٧٩)، وأخرجه مسلم من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- (٢٠٩١) (٥٤).
(٢) "مسائل الإمام أحمد" رواية إسحاق بن إبراهيم النيسابوري ص (٥).
(٣) "النكت على المحرر" (١/ ٨).
(٤) "أحكام الخواتم" ص (١٧٢).
(٥) "الفروع"، في كتاب "الزكاة" (٢/ ٤٧٣).
(٦) "النكت على المحرر" (١/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>