للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذلك (١). وللمعنى المستنبط من نسق الآية، وهو أن الجنس يقتل بما يماثله، وإذا قُتل بما يماثله قتل بما هو فوقه من باب أولى، وأمَّا الحر فإنَّه لا يقتل بالعبد؛ لأنَّه لا يلزم من قتل الجنس بما يماثله أن يقتل بمن هو دونه، والعبد لا يساوي الحر بل هو أقل منه (٢).

والقول الأول وجيه لما تقدم؛ ولأنَّه هو الذي يتمشى مع ما تهدف إليه الشريعة من حقن الدماء والحفاظ على الأرواح من أن تُزهق بغير حق، قال ابن تيمية: (ليس في العبد نصوص صريحة صحيحة تمنع قتل الحر به) وقَوَّى أنَّه يقتل به، وقال: هذا الراجح (٣).

وأمَّا الآية فلا دلالة فيها على المدَّعَى؛ لأنَّها لم ترد لبيان مقابلة الجنس بجنسه وحتمية ذلك، وإنَّما وردت -والله أعلم- ردًّا على أناس حصل بينهم قتال في الجاهلية، ولم يقتصوا إلَّا بعد الإسلام، وحلفوا ألا يرضوا إلَّا بالحر بدل العبد، والرجل بدل المرأة، ثم إن الاستدلال بها عن طريق مفهوم المخالفة، وهو لا يعتبر حجة إذا عارضه المنطوق، والذي يظهر أن الاستدلال بالآية غير ظاهر، كما يقول الشوكاني (٤)، وأمَّا دليل أبي حنيفة فهو ضعيف، فيه المثنى بن الصباح، وهو لا يحتج به. والله تعالى أعلم.


(١) "الإجماع" لابن المنذر عن (١٤٤ - ١٤٥).
(٢) "تفسير الرَّازي" (٥/ ٥٠).
(٣) "الفتاوى" (١٤/ ٨٥ - ٨٦)، "الإنصاف" (٩/ ٤٦٩).
(٤) انظر: "نيل الأوطار" (٧/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>