للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (اللهم) أي: يا الله، فحذف حرف النداء، وعوض عنها الميم للبدء باسم الله تعالى ولكثرة الاستعمال.

قوله: (أعوذ بك) أي: أعتصم بك، وهي جملة خبرية لفظاً، إنشائية معنى؛ لأنها بمعنى الدعاء، فكأنه يقول: اللهم أعذني.

قوله: (من الخُبُثِ) بضم المعجمة والموحدة: جمع خبيث مثل: قضيب وقُضُب، وسرير وسُرُر، وهم ذكران الشياطين، والخبائث: جمع خبيثة، كصحيفة وصحائف، وهن إناث الشياطين، فكأنه استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم، وقيل: الخُبْث: بإسكان الباء: الشر، والخبائث: الذوات الشريرة، فكأنه استعاذ من الشر وأهله.

وقد ذكر الخطابي: أن الصواب ضم الباء، وأن عامة أصحاب الحديث يقولون: الخُبْث: ساكنة الباء، وهذا غلط (١)، والصواب جواز الوجهين كما يجوز في نظائره؛ لأن الإسكان على سبيل التخفيف جائز كما هو مقرّر عند أئمة التصريف، مثل: رُسُل ورُسْل، وكُتُب وكُتْب، ونحو ذلك، ونقل النووي عن جماعة من أهل المعرفة أن الباء ساكنة، منهم أبو عبيد القاسم بن سلاَّم (٢) وقال القرطبي عن إسكان الباء: (رُوّيناه به أيضاً) (٣).

الوجه الثالث: الحديث دليل على مشروعية الدعاء عند دخول المكان المعد لقضاء الحاجة بهذا الدعاء، ومناسبة هذا الدعاء دل عليها حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بالله من الخُبُث والخبائث» (٤).

ولا فرق في هذه الاستعاذة بين البنيان والصحراء؛ لأن المكان يصير مأوى للشياطين بخروج الخارج وقبل مفارقته إياه.

وقد وردت زيادة التسمية من طريق عبد العزيز بن المختار، عن


(١) "معالم السنن" (١/ ١٦)، "إصلاح غلط المحدثين" ص (١٧).
(٢) "غريب الحديث" (١/ ٣١١).
(٣) "المفهم" (١/ ٥٥٤).
(٤) أخرجه أبو داود (٦)، وابن ماجه (٢٩٦)، وأحمد (٣٢/ ٣٨)، وهو حديث صحيح على شرط البخاري، كما ذكر الألباني في "تمام المنة" ص (٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>