للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد الهادي في "المحرر" (١)، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قُطَعَة العبدي.

° الوجه الثَّاني: هذا الحديث أشكل على كثير من أهل العلم، واختلفوا في الجواب عنه، والواجب أن يحمل على معنى يطابق الأدلة الشرعيّة ويوافقها؛ لأنَّ ما اشتبه من السنة مثل ما اشتبه من القرآن، ومعلوم أن المتشابه من القرآن يفسر بالمحكم ويرد إليه، فكذا السنة ما اشتبه منها يرد إلى المحكم ويفسر به (٢).

ومعلوم أن السنة دلت على أن الجاني عمدًا عليه القصاص أو الدية، وخطأ عليه الدية وتحملها العاقلة، وهنا قال: (لم يجعل عليه شيئًا).

وأحسن ما يحمل عليه الحديث أن هذا الجاني كان غلامًا، والغلام يطلق على ما قبل البلوغ، وعلى هذا فلا يجب عليه القصاص؛ لأنَّ عمد الصبي حكمه حكم الخطأ، وليس على عاقلته دية؛ لأنهم فقراء، والدية لا تجب على العاقلة إلَّا إذا كانوا أغنياء، ولم يعط النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من بيت المال لأسباب: إمَّا لعدم وجود شيء في بيت المال، أو لبيان أن بيت المال لا تلزمه مثل هذه الجنايات، وقد ذكر بعض العلماء أنَّه دَفَعَ ديته من بيت المال، وهذا لا دليل عليه (٣).

وهذا الحمل موافق لألفاظ الحديث. وحمله بعضهم على أن هذا الغلام كان مملوكًا، والمملوك جنايته في رقبته على تفاصيل مذكورة في كتب الفقه، وقيل غير ذلك. والله تعالى أعلم.


(١) "تحفة الأشراف" (٨/ ١٩٣)، "المحرر" (٢/ ٧١٠).
(٢) من كلام ابن باز في شرحه على "البلوغ".
(٣) "معالم السنن" (٤/ ٤١)، "السنن الكبرى" للبيهقي (٨/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>