للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العلماء في صحته؛ لأنَّ هذا الإسناد ظاهره السلامة من العلة، فرجاله جميعًا ثقات، وقد صحَّحه ابن عدي وابن حبان والحاكم وغيرهم.

لكن في الحديث علة خفية قادحة، وهي أن الحكم بن موسى أخطأ في هذا الحديث -كما في الإسناد الثَّاني- وقال: سليمان بن داود، والصَّواب سليمان بن أرقم، كما في رواية محمَّد بن بكار وأخيه، ولأن كل من قرأ أصل يَحْيَى بن حمزة وَجَدَهُ عن سليمان بن أرقم، وسليمان بن أرقم قال عنه أبو زرعة: (ذاهب الحديث)، وقال أبو حاتم: (متروك) (١).

والحديث له طرق أخرى، ومنها ما رواه عبد الرَّزاق (٤/ ٤) ومن طريقه ابن خزيمة (٢٢٦٩)، وابن الجارود (٧٨٤، ٧٨٦)، والدارقطني (١/ ١٢١) عن معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كتب كتابًا … فذكره، قال الدارقطني: (مرسل، ورواته ثقات).

وذلك لأنَّ عبد الله بن أبي بكر روى الحديث عن جده محمَّد بن عمرو بن حزم، وقد ولد محمَّد في عهد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في السنة العاشرة، ولم يسمع من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهذا لا يضر -إن شاء الله- لأنه رواه لنا عن طريق الوجَادة، وهو قوله: (هذا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).

لكن ينبغي أن يعلم أنَّه كما بَعُدَ الزمن عن عهد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ضعفت قوة الوجادات؛ لأنَّه لا يؤمن عليها من التغيير أو التحريف أو الضياع أو الزيادة أو النقصان.

والحديث قد تعددت طرقه، وهي تدل بمجموعها على أنَّه حديث محفوظ، لكن هذا لا يعني أنَّه مسند، كما قال رجل ليحيى بن معين: هذا مسند؟ قال: (لا، ولكنه صالح)، بمعنى أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كتبه، كما قال الإمام أحمد، فصار نسخة ووجادة توارثها الأئمة والمصنفون.


(١) "الجرح والتعديل" (٤/ ١٠١)، "تهذيب التهذيب" (٤/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>