للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد حصل في سنده اختلاف ذكره النَّسائيّ والدارقطني، فقد رواه النسائي (٨/ ٤١) من طريق هُشيم، عن خالد، عن القاسم، عن عقبة بن أوس، عن رجل من أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - … وهذا لا يؤثر لما هو معلوم من أن جهالة الصحابي لا تضر.

ورواه -أيضًا- من طريق بشر بن المفضل ويزيد بن زُريع قالا: نا خالد الحذاء به، إلَّا أنَّهما قالا: يعقوب بن أوس، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وروايتهما مرجوحة؛ لأنَّه قد خالفهما حماد بن زيد، ووهيب، وهُشيم، والثوري، واتفاق هؤلاء على عقبة بن أوس دليل على ضعف الرواية الأخرى؛ لأنَّ النَّفس تطمئن لحفظ وضبط الأكثر عند الاختلاف ما لا تطمئن إلى رواية الأقل (١).

° الوجه الثَّاني: استدل بهذا الحديث الشَّافعية والحنابلة وأبو حنيفة في رواية عنه، وبعض المالكيّة على أن الجناية على النَّفس ثلاثة أقسام: عمد، وخطأ، وشبه عمد (٢)، وهذا الحديث أثبت شبه العمد، والظاهر أن إثبات العمد والخطأ لا خلاف فيه؛ لوروده في القرآن.

قال السرخسي: (ثبت شبه العمد عن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم: عمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - ولم ينكره أحد فكان إجماعًا) (٣).

وشبه العمد: هو قصد الجناية بما لا يقتل غالبًا، كما لو ضربه في غير مقتل بسوط أو عصا ونحو ذلك، وسمي شبه عمد؛ لأنَّه عمد في الضرب والاعتداء، ولكنه ليس قصدًا في الإماتة.

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على أن دية شبه العمد مائة من الإبل، وأنها مغلظة كدية العمد، لوجود العمد في الاعتداء، وذلك بأن يكون منها أربعون من الإبل حاملًا في بطونها أولادها. والله تعالى أعلم.


(١) "الإرواء" (٧/ ٢٥٨).
(٢) "المبسوط" (٢٦/ ٥٩)، "بداية المجتهد" (٤/ ٢٩٦)، "الإنصاف" (٩/ ٤٣٣)، "مغني المحتاج" (٤/ ٣).
(٣) "المبسوط" (٢٦/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>