للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه أمثل من غيرها؛ لأنهم سمعوا منه قبل احتراق كتبه، قال الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي: (إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح .. ) وكذا قتيبة بن سعيد، كما ذكر الذهبي (١)، وإلا فابن لهيعة ضعيف لسوء حفظه واحتراق كتبه، فحدث من حفظه فخلّط، وحديثه في المتابعات والشواهد لا ينزل عن رتبة الحسن، أما المحققون فهم على تضعيفه مطلقاً، قبل احتراق كتبه وبعدها. وقد ذكرت هذا فيما مضى، والمقصود أن الحديث ضعيف بزيادة (أو نقع ماء) وإلا فباقيه صحيح، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وأما حديث ابن عمر فقد أخرجه الطبراني بتمامه في «الأوسط» (٣/ ١٩٩) من طريق الحكم بن مروان الكوفي، قال: حدثنا فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يتخلى الرجل تحت شجرة مثمرة، ونهى أن يُتخلى على ضَفَّةِ نهر جارٍ.

وهذا إسناد ضعيف، قال الطبراني عقبه: (لم يروه عن ميمون إلا فرات بن السائب تفرد به الحَكَمُ)، وفرات هذا متروك الحديث، قاله البخاري وغيره (٢).

فهذه الأحاديث - حديث معاذ وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم - كلها ضعيفة، لكن يشهد لها في المعنى حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم، والقواعد الشرعية تؤيدها، وهو أن كل ما يؤذي المسلمين فهو حرام، وهو ما يستفاد من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْمًا مُبِيناً} [الأحزاب: ٥٨]، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من اذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم» (٣).

الوجه الثالث: في شرح ألفاظها:

قوله: (اتقوا اللاعنين) هذا لفظ أبي داود، وأما لفظ مسلم فهو (اللعّانين) كما تقدم، قال النووي: (والروايتان صحيحتان) (٤)؛ أي: الأمرين


(١) "سير أعلام النبلاء" (٨/ ١٥).
(٢) "التلخيص" (١/ ١١٦).
(٣) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٣/ ١٧٩)، وحسنه المنذري في "الترغيب" (١/ ١٣٤)، والهيثمي في "المجمع" (١/ ٢٠٤)، والألباني في "صحيح الترغيب" (١/ ١٣٥).
(٤) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>