للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فميتته جاهلية) بكسر الميم، مصدر نوعي؛ لأنه أضيف إلى الجاهلية، وهذا فيه تشبيه من مات مفارقًا للجماعة بمن مات على الكفر بجامع أن الكل لم يكن تحت حكم إمام؛ لأن الخارج عن الطاعة -كأهل الجاهلية- لا إمام له.

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على وجوب طاعة الناس لولي الأمر الذي تمت بيعته، ولزوم الجماعة وإن جرى من الإمام ما جرى من نقص أو معصية ما لم يروا كفرًا بواحًا عندهم فيه من الله برهان، كما جاء في حديث عبادة رضي الله عنه (١).

وقد دلت النصوص الشرعية على أن الطاعة إنما تكون في المعروف، وهذا من القطعيات الشرعية، لحديث: "إنما الطاعة في المعروف" (٢).

وفي الطاعة ولزوم الجماعة الخير الكثير والأمن والطمأنينة، وصلاح الأحوال، ونصر الحق، وقمع البدع وأهلها.

وفي الاختلاف والخروج الشر العظيم، وضعف الحق، وتدخل القوى الكافرة، وظهور البدع والمنكرات، وانقسام الناس، وزعزعة الأمن وإراقة الدماء، ونهب الأموال، وهذا واضح في زماننا هذا، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (مذهب أهل الحديث ترك الخروج بالقتال على الملوك البغاة، والصبر على ظلمهم إلى أن يستريح بر، أو يُستراح من فاجر) (٣). ويقول: (لا يجوز إنكار المنكر بما هو أنكر منه، ولهذا حرم الخروج على ولاة الأمر بالسيف، لأجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن ما يحصل بذلك من فعل المنكرات وتركِ واجبٍ أعظم مما يحصل بفعلهم المنكر والذنوب) (٤).

° الوجه الرابع: في الحديث تحذير شديد ووعيد عظيم لمن ينقض البيعة ويفرق الجماعة، ويخرق الإجماع.


(١) رواه البخاري (٧٠٥٦)، ومسلم (١٧٠٩) (٤٢).
(٢) رواه البخاري (٤٣٤٠)، ومسلم (١٨٤٠).
(٣) "مجموع الفتاوى" (٤/ ٤٤٤).
(٤) "مجموع الفتاوى" (١٤/ ٤٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>