للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الولاية، ولهذا أضافه إلى ضمير الجمع، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" (١).

قوله: (أن يشق عصاكم) أصل العصا: الاجتماع والائتلاف، وذلك أنها لا تدعى عصا حتى تكون جميعًا، فإذا انشقت لم تدع عصا، ومنه قيل للرجل إذا قام في المكان واطمأن واجتمع إليه أمره: قد ألقى عصاه. وقيل للخوارج: قد شقوا عصا المسلمين؛ أي: فرقوا جماعتهم. فَشَقُّ العصا: تعبير يراد به تفريق الجماعة.

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على وجوب السمع والطاعة لولي أمر المسلمين ما أمر بالطاعة، وتحريم الخروج عليه، ووجوب العمل على جمع كلمة المسلمين والتحذير من تفريق جماعتهم، وأن من خرج على إمام قد اجتمعت عليه كلمة المسلمين فإنه يجب قتله مهما كانت منزلته شرفًا ونسبًا، لقوله في بعض الروايات: "فاضربوه بالسيف كائنًا من كان" وهذا يدل على أن تفريق جماعة المسلمين من كبائر الذنوب، لوجوب قتل من أراد ذلك، ولما يترتب على تفريق الكلمة وشق عصا الطاعة من المفاسد العظيمة، قال الصنعاني: (دلت الألفاظ -أي: ألفاظ الحديث- على أن من خرج على إمام قد اجتمعت عليه كلمة المسلمين، المراد: أهل قُطْرٍ … فإنه قد استحق القتل؛ لإدخاله الضرر على العباد) (٢).

ومما يدل على عناية الإسلام باجتماع الكلمة واتحاد الصف أن الإسلام يطالب بقتل الحاكم الثاني، كما في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما" (٣).

إن التعدد في القيادات يعني التفرق والشتات، ووحدة القيادة رمز على وحدة الأمة ومتانة جسدها ووحدة رأيها. والله المستعان.


(١) رواه البخاري (٤٤٢٥)، وسيأتي شرحه في كتاب "القضاء" إن شاء الله تعالى.
(٢) "سبل السلام" (٧/ ٩٩).
(٣) رواه مسلم (١٨٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>