للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وظاهر العموم أنه لا فرق بين المال القليل والكثير، وهو قول الجمهور، قال عبد الله بن المبارك: (يقاتل عن ماله ولو درهمين) (١).

وقال بعض أصحاب مالك: لا يجوز قتله إذا طلب شيئًا يسيرًا، كالثوب والطعام، قال النووي: (وهذا ليس بشيء، والصواب ما قاله الجماهير) (٢).

وقد ذكر القرطبي أن سبب الخلاف في ذلك هل القتال لدفع المنكر فلا يفرق المال بين القليل والكثير، أو أنه من باب دفع الضرر فتختلف الحال في ذلك (٣).

° الوجه الثالث: نص الفقهاء على أن الدفاع عن النفس والأهل والعرض والمال مشروع، وأنه يكون بأسهل ما يغلب على الظن دفعه به، فإن كان يندفع بالتهديد لم يضربه، وإن كان لا يندفع إلا بالضرب ضربه بيده، ثم بعصا، ومتى أمكن الأسهل حرم الأصعب، كضربه بحديدة؛ لعدم الحاجة إليه؛ لأن المقصود دفعه لا إتلافه، فإن فعل فعليه الضمان، فإن لم يندفع إلا بالقتل فله قتله ولا ضمان عليه.

ويستثنى من المدافعة بالأسهل ما إذا خشي أن يبادره الصائل بالقتل إن لم يعاجله، فله ضربه بما يقتله أو يقطع طرفه، ويكون ذلك هدرًا.

° الوجه الرابع: اختلف العلماء فيمن قتل دون ماله أو نفسه أو أهله هل يأخذ حكم الشهيد في أحكام الدنيا؟، على قولين:

الأول: أنه لا يأخذ حكم الشهيد بل يغسل ويكفن ويصلى عليه، وتسميته شهيدًا إنما هو باعتبار الثواب دون أحكام الدنيا، وهذا القول رواية عن أحمد، وهو قول مالك، والشافعي؛ لأن رتبته دون رتبة الشهيد في المعركة، لكن له ثواب الشهداء، ولا يلزم أن يكون مثل شهيد المعركة (٤).

القول الثاني: أنه يأخذ حكم الشهيد فلا يغسل ولا يصلى عليه، وهو


(١) "جامع الترمذي" (٣/ ٨٨).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٢/ ٥٢٤).
(٣) "المفهم" (١/ ٣٥٣).
(٤) "شرح النووي على صحيح مسلم" (٢/ ٥٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>