للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فنزع ثنيته) هكذا بالإفراد، وهو رواية البخاري وأحد ألفاظ مسلم، وعند البخاري ورواية لمسلم: (فوقعت ثنيتاه)، وقد ذكر الحافظ أن التثنية هي رواية الأكثر.

والمعنى: فنزع المعضوضةُ يدُه ثنيةَ العاض وأخرجها من مكانها، لكن لا عمدًا بل لشدة نزعه، والثنية: إحدى الأسنان الأربع في مقدمة الفم، ثنتان من فوق، وثنتان من تحت.

قوله: (كما يعض الفحل) بفتح الياء والعين، كما تقدم، والفحل: هو الذكر من الإبل وغيرها من الدواب، وهذا التشبيه مقصود به التنفير وتقبيح حال المشبه.

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على أن من عض رجلًا فانتزع المعضوضُ يدَه فنزع ثنية العاض أنه لا شيء عليه، لا قصاص ولا دية؛ لأن العاض معتد صائل على المعضوض، وللمعضوض الدفاع عن نفسه، ولا يترتب على دفاعه عن نفسه ضمان ما يتلف بسبب ذلك؛ لأنه دفاع مشروع مأذون فيه، وما يترتب على المأذون فهو غير مضمون.

وقد قيد حكم هذا الحديث وأمثاله بأن يدافع عن نفسه بالأسهل فالأسهل من وسائل الدفع، وذلك بأن يمكنه تخليص يده بأيسر ما يقدر عليه من فك لحييه أو الضرب في شدقيه ليرسلهما، ونحو ذلك، وظاهر الدليل عدم الاشتراط، لكنهم قالوا: إن هذا القيد مأخوذ من القواعد الكلية العامة في الشرع (١).

° الوجه الرابع: تحريم العض وأنه ليس من شيم بني آدم، وإنما هو من فعل الحيوان، ولهذا شبه عض الآدمي بفعل البهيمة تنفيرًا عن مثل هذا الفعل.

° الوجه الخامس: مشروعية الدفاع عن النفس، وأن الخصومة خصلة ممقوتة، وتزيد بشاعتها إذا كانت بطريقة وحشية. والله تعالى أعلم.


(١) "الاعلام" (٩/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>