للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (واغد يا أنيس) أي: انطلق، وأصل الغدو الذهاب ما بين صلاة الصبح وطلوع الفجر، ثم كثر حتَّى استعمل في الذهاب والانطلاق في أي وقت كان، ومنه هذا الحديث، ويؤيد ذلك رواية: "قم يا أُنيس فسل امرأة هذا" (١).

وأنيس: هو ابن الضحاك الأسلمي، لرواية: (ثم قال لرجل من أسلم - يقال له: أنيس -: "قم يا أنيس".

قوله: (فإن اعترفت فارجمها) هذا مراد به إعلام المرأة بأن هذا الرجل قد قذفها بابنه، فَيُعَرِّفُها بأن لها عنده حد القذف، فتطالب به أو تعفو عنه، بناء على أن القذف حق للمقذوف، إلَّا أن تعترف بالزنا، فيجب عليها الحد، فاعترفت فرجمت، كما في بعض الروايات، هذا ما ذكره الشراح، وفيه نظر، والظاهر أن المسألة قد اشتهرت، فَطُلِبَ اعتراف المرأة، ولا مجال للقول بالستر هنا، وجاء في رواية للبخاري: (فاعترفت فرجمها) (٢)، وعند مسلم: (فغدا عليها فاعترفت) (٣).

• الوجه الثالث: في هذا الحديث فوائد كثيرة أذكر أهمها، ومن ذلك أن الحديث فيه دليل على جفاء بعض الأعراب لبعدهم عن مواطن العلم والأدب، حيث ناشد الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا يحكم له إلَّا بكتاب الله تعالى.

• الوجه الرابع: فيه دليل على حسن خلقه حيث لم يوبخ هذا الأعرابي ولم يعنفه على سوء أدبه.

• الوجه الخامس: في الحديث دليل على أن حد الزاني الذي لم يحصن جلد مائة اتفاقًا، وتغريب عام للحر الذكر، وهو قول المالكية، والرواية المعتمدة في مذهب الحنابلة، وقول للشافعية (٤)، وسيأتي الخلاف في ذلك.

وأما حد الزاني المحصن فهو الرجم بإجماع من يعتد بإجماعه، كما سيأتي أيضًا.


(١) "فتح الباري" (١٢/ ١٤٠).
(٢) "صحيح البخاري" (٦٨٥٩).
(٣) "صحيح مسلم" (١٦٩٧) (٢٥).
(٤) "بداية المجتهد" (٤/ ٣٧٩)، "المهذب" (٢/ ٢٤٢)، "المغني" (١٢/ ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>