وغيرهما بلفظ:«ثم يتوضأ منه»، وسيأتي ذكره إن شاء الله.
واللفظ الثالث: أخرجه مسلم (٢٨٢) ولفظه: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه»، وكذا عند أبي داود (٦٩).
واللفظ الرابع: لأبي داود (٧٠) ولفظه: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من الجنابة»، وسيأتي - إن شاء الله - الفرق بين هذه الروايات.
الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:
قوله:(لا يغتسلْ) لا: ناهية، والفعل بعدها مجزوم بها.
قوله:(أحدكم) الخطاب في الموضعين لجميع الأمة، فيشمل الذكر والأنثى، وإنما أتى بصيغة خطاب المذكر تغليباً، وإلا فلا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى.
قوله:(الماء الدائم) فسرته رواية البخاري: «الماء الدائم الذي لا يجري» أي: الثابت المستمر الذي لا ينتقل من مكانه بالجريان، كمياه البرك التي في البساتين، والغدران التي في البراري، ونحو ذلك، فتكون جملة:«لا يجري» تفسيراً للدائم وإيضاحاً لمعناه، وقيل: إنها للتأسيس، واحترز بها عن راكد لا يجري بعضه، كالبرك ونحوها.
وقوله:(ثم يغتسل منه) برفع المضارع، وهو مع فاعله المستتر خبرٌ لمبتدأ محذوف، والتقدير: ثم هو يغتسل فيه، والمعنى: لا يبولن فيه مع أن اخر أمره أن يغتسل فيه، فكيف يبول بما سيكون طهوراً له بعْدُ؟! ففي الجملة إشارة إلى حكمة النهي.
وأجاز ابن مالك الجزم على أن (لا) ناهية، والنصب على إظهار (أن)؛ وتكون (ثم) بمعنى (واو الجمع)(١).
وقوله:(وهو جنب) أي: ذو جنابة، وهو من وجب عليه الغسل من جماع أو إنزال مني.