فالأحاديث المتكاثرة التي بلغت التواتر في وجوب قطع يد السارق، ومنها أحاديث الباب، وأما الإجماع فقد اتفق المسلمون على وجوب قطع السارق في الجملة.
وأما الحكمة من القطع فهي حماية الناس وأموالهم، فإن القطع بربع الدينار وإن كان قليلًا لكن قصد به حماية الأموال، والقضاء على العبث بالأمن، ففي السرقة اعتداء على الأموال من جهة، واعتداء على حق الملكية الفردية من جهة أخرى، وفيها ترويع الآمنين، وتهديد الناس، وهي تثير القلق الدائم والاضطراب النفسي، فيعيش الناس في ذعر وخوف، والسارق لا يبالي بما يحصل من انتهاك الحرمات وسفك الدماء في سبيل تحقيق غرضه والتخلص مما وقع فيه، والسرقة إذا فشت هُدِّدَ الناس في أموالهم وأعراضهم وأنفسهم، وأصبحت حياتهم مريرة، ثم إن السارق لا يمكن الاحتراز منه؛ فإنه يَنْقِبُ الدور، ويهتك الحرز، ويكسر القفل، فجاءت هذه العقوبة المناسبة الرادعة بإبانة العضو الذي جعله السارق وسيلة إلى الاعتداء، قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨)} أي: اقطعوا أيديهما جزاءً لهما بعملهما وكسبهما السيء، ونكالًا وعبرة لغيرهما، والنكال: ما يُنَكِّلُ الناس ويخيفهم أن يسرقوا، مأخوذ من النكْلِ بالكسر، وهو قيد الدابة.