للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم إن المسور قد تفرد برواية هذا الحديث عن جده عبد الرحمن، وبينهما مفازة، والمسور قال عنه الحافظ: (مقبول الحديث) ومن كان كذلك فيقبل حديثه حيث توبع وإلا فلا، وهو في هذا الحديث لم يتابع عليه.

° الوجه الثاني: استدل بهذا الحديث من قال: إن السارق إذا قطعت يده وقد استهلكت العين فإنه لا يلزمه ضمانها، وهذا قول أبي حنيفة وسفيان الثوري وجماعة من السلف (١). والحنفية إنما استدلوا به لأن الإرسال ليس بجرح عندهم، فالمرسل عندهم حجة (٢)، مع أن الحديث فيه علل أخرى غير الإرسال.

كما استدلوا بقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} فإن الآية دلت على أن القطع هو جزاء السارق، ولو قلنا بالضمان لم يكن القطع هو كل الجزاء، ويكون زيادة على ما في القرآن.

وذهب الجمهور من أهل العلم ومنهم الشافعي وأحمد وجماعة من السلف إلى أنه يلزم السارق الضمان، سواء أكان موسرًا أو معسرًا (٣)؛ لأن السارق معتد ظالم، والقطع حق لله تعالى، والضمان حق المسروق منه، وهما حقان متغايران، فلا يبطل أحدهما الآخر. قالوا: وأما آية السرقة وأنه لم يذكر فيها تضمين السارق فإنه لم ينفه أيضًا، وإنما سكت عنه، وحكمه مأخوذ من قواعد الشرع ونصوصه، وحديث الباب لا تقوم به حجة على عدم الضمان؛ لأنه مرسل.

والمراد بالضمان رد العين المسروقة إلى صاحبها إن كانت موجودة، أو رد قيمتها أو مثلها إن كانت تالفة.


(١) "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٨٣).
(٢) "حاشية السندي" (٨/ ٩٣).
(٣) "المغني" (١٢/ ٤٥٤)، "سبل السلام" (٧/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>