للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التي هي نحو الكعبة، والاستغفار هنا: إما لأنهم لم يحولوها إلى ناحية غير القبلة، أو لأن انحرافهم لا يحصل به تمام الانحراف عن القبلة لصعوبة ذلك حيث كان اتجاه المراحيض إليها.

الوجه الرابع: الحديث دليل على النهي عن استقبال القبلة أو استدبارها حال البول أو الغائط، وهذا النهي للتحريم عند جمهور العلماء، وقد اختلف في هذه المسألة على أقوال أهمها:

القول الأول: تعميم النهي، وبه قال جماعة من أهل العلم، فقالوا: يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء والبنيان، وهو المشهور من مذهب الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها أبو بكر عبد العزيز (١)، وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، واختاره ابن العربي، وابن حزم ورجحه، الشوكاني، والمباركفوري شارح «جامع الترمذي»، والشيخ محمد بن إبراهيم (٢)، ودليلهم حديث أبي أيوب وما في معناه، فإنه نص صريح في النهي عن الاستقبال والاستدبار، ولأنه فعل الراوي.

القول الثاني: لمالك والشافعي وجماعة من أهل العلم منهم: البخاري، أنه يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء، ويجوز في البنيان، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهي المذهب (٣)، ورجحه الصنعاني (٤).

واستدلوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (رقيت يوماً على بيت حفصة، فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقضي حاجته، مستقبل الشام، مستدبر الكعبة)، وفي رواية: (مستقبلاً بيت المقدس) (٥).


(١) "حاشية ابن عابدين" (١/ ٣٤١)، "تصحيح الفروع" (١/ ١١١)، "الإنصاف" (١/ ١٠١).
(٢) "الاختيارات" ص (٨)، "إعلام الموقعين" (٢/ ٢٠٢) (٤/ ٢٨٠)، "تهذيب مختصر السنن" (١/ ٢٢)، "عارضة الأحوذي" (١/ ٢٧)، "المحلى" (١/ ١٨٩ - ١٩٠)، "نيل الأوطار" (١/ ٩٨)، "تحفة الأحوذي" (١/ ٥٨)، "فتاوى ابن إبراهيم" (٢/ ٣٥).
(٣) "حاشية الدسوقي" (١/ ١٠٨)، "المجموع" (١/ ٩٢)، "الإنصاف" (١/ ١٠٠).
(٤) "سبل السلام" (١/ ١٣٧).
(٥) أخرجه البخاري (١٤٨)، ومسلم (٢٦٦)، (٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>