للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث له شواهد منها حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقام الحدود في المساجد ولا يستقاد فيها"، وقد مضى الكلام عليه في باب "المساجد" من كتاب "الصلاة" (١).

* الوحه الثاني: في الحديث دليل على أن الحدود لا تقام في المساجد، وظاهر النهي أنه للتحريم، والحديث وإن كان فيه المقال المتقدم إلا أن معناه صحيح، فإن إقامة الحد في المسجد وإن كان عبادة؛ لأنه إجراء لحكم الله تعالى إلا أنه يؤدي إلى تلويث المسجد، فإنه إذا ضرب الجاني أو قطعت يده لوث المسجد، مع ما في ذلك من اللغط ورفع الأصوات فيه، ومثل ذلك غير لائق بالمسجد؛ لأن الله تعالى يقول: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: ٣٦]، وهذا الرفع يشمل الرفع الحسي بالبناء والتطهير من الأذى والقذر وكل ما لا يليق بالمسجد، والرفع المعنوي بإقامة ذكر الله تعالى وطاعته من الذكر والتلاوة والصلاة والابتعاد عن معصيته من اللغو وقول الزور وكل فعل يخل بتشريفها.

ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من أصحابه أنهم أقاموا الحدود في المسجد، وقد تقدم أن ماعزًا لما جاء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو في المسجد وأقرّ عنده بالزنى، قال: "اذهبوا به فارجموه"، والله تعالى أعلم.


(١) انظر: (٢/ ٤٨٣) من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>