ضعيف، كقولهم: إنه قبل النهي، فإن هذا مجرد احتمال، فلا يكفي، إذ لا دليل عليه، وأما دعوى الخصوصية فمردودة؛ لأن الأصل التأسي به صلّى الله عليه وسلّم في أفعاله ما لم يقم دليل على الخصوصية، لكن الدليل إذا طرقه الاحتمال ضَعُفَ، إذ لا سبيل للجزم بواحد منها، فلا تترك الأحاديث الصحيحة الصريحة لمثل ذلك.
وقالوا عن حديث جابر: إن فيه ابن إسحاق، وهو وإن كان لا بأس به ولكنه ليس بمنزلة من روى أحاديث النهي مطلقاً، وهي أحاديث في الصحيحين، كحديث أبي أيوب الذي أخرجه السبعة، ثم إن هذا الحديث حكاية فعل فلا عموم لها، ويحتمل أن ذلك لعذر، وليس فيه دلالة على أنه في البنيان، فكيف يقدم على النصوص الصحيحة الصريحة في المنع؟.
والذي يظهر لي - والله أعلم - هو القول الأول، ووجه الترجيح أمران:
الأول: أن النهي ورد بصريح القول، وهو خطاب لجميع الأمة، ولم يغيره النبي صلّى الله عليه وسلّم في حق أمته، لا مطلقاً ولا من وجه، وقد رواه عدد من الصحابة رضي الله عنهم، كأبي أيوب في الصحيحين، وسلمان الفارسي وأبي هريرة عند مسلم وغيرهم، والمعارض لها إما معلول السند وإما ضعيف الدلالة.
الثاني: أن علة النهي تعظيم واحترام القبلة، وهذا معنى مناسب ورد النهي على وفقه فيكون علة له، ولا فرق في ذلك بين الصحراء والبنيان، ولو كان الحائل كافياً في جوازه في البنيان لكان في الصحراء من الجبال والأودية ما هو أكفى.
قال الشوكاني:(الإنصاف: الحكم بالمنع مطلقاً، والجزم بالتحريم حتى ينتهض دليل يصلح للنسخ أو التخصيص أو المعارضة، ولم نقف على شيء من ذلك)(١).
الوجه الخامس: الحديث دليل على جواز استقبال الشمس أو القمر حال البول أو الغائط، ووجه الدلالة من وجهين: