للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (أقيلوا) فعل أمر من الإقالة، المراد بها هنا: التجاوز وعدم المؤاخذة، وهذا أمر استحباب (١).

والخطاب للأئمة الذين إليهم إقامة العقوبات على ذوي الجنايات، ويحتمل أن يكون المأمور هو المجني عليه أو أولياءه؛ لأن الجناية لما صدرت ممن ليست له عادة كان الأحسن بهم الصفح وترك حقوقهم فيها (٢).

قوله: (ذوي الهيئات) جمع هيئة، والهيئة: صورة الشيء وشكله وحالته، ويراد به: ذوو الهيئات الحسنة الذين يلزمون هيئة واحدة وسمتًا واحدًا، ولا تختلف هيئاتهم بالتنقل من هيئة إلى هيئة.

والمراد بهم: أهل المروءة والصلاح الذين لا يعرفون بالشر فيزل أحدهم الزلة، وهذا قول الشافعي، وقيل المراد بهم: ذوو الوجوه من الناس الذين لهم قيمة وقدر في المجتمع، وهذا قول ابن القيم (٣)، ولا مانع من اعتبار المعنيين.

قوله: (عثراتهم) جمع عشرة، وهي الزلة، والمراد بالعثرات: ما يتوجه فيه التعزير لإضاعة حق من حقوق الله تعالى، ومنها ما يطالب به من جهة العبد، والمراد هنا: إما الصغائر أو أول معصية يزل فيها مطيع، وهذا أقرب إلى المعنى اللغوي.

قوله: (إلا الحدود) أي: ما يوجب الحد فلا إقالة فيه، وهذا استثناء منقطع.

* الوجه الثالث: يستدل الفقهاء بهذا الحديث على أنه ينبغي لولاة الأمر من المسلمين ومن يقوم مقامهم من القضاة أن يتسامحوا مع ذوي الهيئات


(١) "عون المعبود" (١٢/ ٣٨).
(٢) "شرح الأدب المفرد" (١/ ٥٥٣).
(٣) "بدائع الفوائد" (٣/ ١٣٩)، "سبل السلام" (٤/ ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>