للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى، وأن الواجب على المؤمن أن يُعِدَّ نفسه وألا يرهب الجهاد في سبيل الله، وأن يستشعره دائمًا في قرارة نفسه، ولا يغفل عنه، وقد ذكر علماء الأصول أن الواجب المطلق كالجهاد يجب العزم على فعله عند إمكانه، وأن الواجب المؤقت يجب العزم على فعله عند دخول وقته، مثل الصلوات الخمس، وصيام رمضان، وغير ذلك (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (الجهاد وإن كان فرضًا على الكفاية، فجميع المؤمنين يخاطبون به ابتداءً، فعليهم كلهم اعتقاد وجوبه، والعزم على فعله إذا تعيّن، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من مات ولم يغز … "، فأخبر أنه من لم يَهُمَّ به كان على شعبة نفاق، وأيضًا فالجهاد جنس تحته أنوع متعددة، ولا بد أن يجب على المؤمن نوع من أنواعه) (٢).

الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن ترك الجهاد والغفلة عنه نوع من النفاق، وقد ذكر الإمام مسلم إثر رواية الحديث عن عبد الله بن المبارك أنه قال: (فنُرى أن ذلك كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، قال القاضي عياض: (حيث كان الجهاد واجبًا) وحَمَلَهُ على النفاق الحقيقي، ثم قال: (وقد يحتمل أنه على العموم، ويكون معنى هذا: أنه تَشَبَّه باخلاق المنافقين التي منها التخلف عن الجهاد، وهو أحد شعب النفاق وأخلاق المنافقين)، ونقله عنه النووي، وأقره (٣).

قال القرطبي: (فيه ما يدل على أن من لم يتمكن من عمل الخير فينبغي له أن يعزم على فعله إذا تمكن منه وأن ينويه، فيكون ذلك بدلًا من فعله في تلك الحال، فأما إذا أخلى نفسه عن ذلك العمل ظاهرًا وباطنًا عن نيته، فذلك حال المنافق الذي لا يعمل الخير، ولا ينويه، وخصوصًا الجهاد … ) (٤). والله تعالى أعلم.


(١) "الحكم التكليفي "ص (١١٠).
(٢) "الإيمان" ص (١٢).
(٣) "الإكمال" (٦/ ٣٣٥)، "شرح النووي" (١٣/ ٦٠).
(٤) "المفهم" (٣/ ٧٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>