للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقتالهن مع الرجال) (١).

وقد ورد ما يدل على أن جهادهن إذا حضرن مواقف القتال سَقْيُ الماء ومداواة الجرحى ومناولة السهام، كما في حديث الربيِّع بنت معوذ - رضي الله عنهما - قالت: (كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة) (٢)، وفي رواية: (ونداوي الجرحى)، قال البغوي: (في الحديث دليل على جواز الخروج بالنساء في الغزو لنوع من الرفق والخدمة، فإن خاف عليهن لكثرة العدو وقوتهم، أو خاف فتنتهن لجمالهن، وحداثة أسنانهن، فلا يخرج بهن، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نسوة خرجن معه فأمر بردهن، فيشبه أن يكون رَدُّهُ إياهن لأحد هذين المعنيين) (٣). وروى مسلم عن أنس - رضي الله عنه - أن أم سُليم اتخذت يوم حُنين خنجرًا فكان معها، فرآها أبو طلحة فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذا الخنجر؟ "، قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت بطنه، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك … الحديث (٤).

ومما يدل على عدم وجوب الجهاد على النساء أنه لم يكن يُسهَم لهن في الغنيمة، وإنما يُرضخ لهن بدون سهم، وقد روى مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بالنساء، فيُداوين الجرحى، ويُحْذَينَ من الغنيمة، وأما بسهم فلم يضرب لهن (٥).

وأما ما يطالب به بعض دعاة المرأة من مشاركتها في الحروب ووجودها في ميادين القتال، فهذا ليس عليه دليل، وفيه مصادمة للنصوص الشرعية، ومنابذة للآداب الإِسلامية، وفيه من التبعات الخطيرة والعواقب الوخيمة ما لا يعلمه إلا الله، وقد نادى بالتحذير منه عقلاء الكتَّاب والدعاة المخلصون، وليس في الرجال قلة تدعو إلى مشاركة المرأة في هذا المجال، ولكن القصد منه إخراج المرأة من بيتها والقضاء على عفتها ونزاهتها، وهدم المجتمع، وتقويض بنيان الفضيلة. والله تعالى أعلم.


(١) "فتح الباري" (٦/ ٧٨).
(٢) "صحيح البخاري" (٢٨٨٣).
(٣) "شرح السنة" (١١/ ١٣ - ١٤).
(٤) "صحيح مسلم" (١٨٠٩).
(٥) "صحيح مسلم" (١٨٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>