للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو غنيمة مال (١).

ومن الأدلة قوله - صلى الله عليه وسلم - قبل القتال: "من قتل قتيلًا فله سلبه" (٢)، وهذا يدل على أن قصد المغنم لا ينافي نية القتال، بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قال ذلك إلا ليجتهد السامع في قتال المشركين.

ويؤيد هذا حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كانت عُكاظ ومَجَنَّةُ وذو المَجَاز أسواقًا في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في المواسم، فنزلت: {لَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨] في مواسم الحج (٣).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله، وتصديق كلماته، بأن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة" (٤).

وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث، وإن لم يصيبوا غنيمة تَمَّ لهم أجرهم وفي رواية: " .. وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إلا تم أجورهم" (٥).

وظاهر هذا أن المجاهد له الأجر تامًّا إذا لم يغنم، أو ثُلثُ الأجر إن غنم، وقد أخذ بهذا الحديث أكثر المحدثين، واعتبروه مع حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الدال على أنه له الأجر إذا لم يغنم، أو له الغنيمة بدون أجر -من باب المطلق والمقيد، فيكون موافقًا ومفسرًا له، فإن غنم المجاهد بقي له ثُلثُ الأجر، وإن فاتته الغنيمة فله الأجر تامًّا، وهو مأجور في كلتا الحالتين، لكنه مع الغنيمة أنقص، وممن قال بهذا ابن بطال وابن دقيق العيد والنووي وابن حجر وغيرهم (٦). والله أعلم.


(١) "تفسير ابن سعدي" ص (٣٥٥).
(٢) "رواه أبو داود" (٢٧١٨).
(٣) رواه البخاري (١٧٧٠)، (٢٠٥٠).
(٤) رواه البخاري (٣١٢٣)، ومسلم (١٨٧٦).
(٥) رواه مسلم (١٩٠٦).
(٦) انظر: "الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم" ص (٤٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>