للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عائشة رضي الله عنها) (١).

وأما تصحيح أبي حاتم فقد نقله ابنه فقال: سمعت أبي يقول: (أصح حديث في هذا الباب - يعني في باب الدعاء عند الخروج من الخلاء - حديث عائشة … ) (٢)، وممن صححه النووي (٣)، والحافظ ابن حجر (٤)، والألباني (٥).

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (غُفرانك) أي: أسألك غفرانك، فهو منصوب بفعل محذوف، كما قال تعالى: {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا} [البقرة: ٢٨٥]، أي: أعطنا وامنحنا غفرانك، والمغفرة هي ستر الذنوب والتجاوز عنها.

الوجه الثالث: الحديث دليل على استحباب قوله: «غفرانك» بعد قضاء حاجته وخروجه من المكان، فإن كان في بناء قاله إذا خرج، وإن كان في الصحراء قاله إذا فارق المكان الذي قضى فيه حاجته، ووجه الاستحباب أن هذا فعل مجرد لقصد القربة، فهو للاستحباب، على أظهر الأقوال كما في علم الأصول.

ومناسبة هذا الدعاء أن الإنسان لما خف جسمه بعد قضاء الحاجة، وارتاح من الأذى، تذكر ثقل الذنوب وعواقبها فدعا ربه أن يخفف عنه أذية الإثم، كما منّ عليه بتخفيف أذية الجسم، فالنجو يُثقل البدن ويؤذيه، والذنوب تثقل القلب وتؤذيه، وهذا معنى مناسب من باب تذكّر الشيء بالشيء، وقد أشار إلى هذا المعنى ابن القيم (٦).

وقال البغوي: (كأنه رأى تركه ذِكْرَ الله تعالى زمان لبثه على الخلاء تقصيراً منه فتداركه بالاستغفار) (٧)، وقد سبقه إلى ذلك الخطابي (٨)، وعنه


(١) "المستدرك" (١/ ٢٦٢).
(٢) "العلل" (١/ ٤٣).
(٣) "الأذكار" ص (٢٨)، "المجموع" (٢/ ٧٥).
(٤) "نتائج الأفكار" (١/ ٢١٤).
(٥) "إرواء الغليل" (١/ ٩١).
(٦) "إغاثة اللهفان" (١/ ٧٤).
(٧) "شرح السنة" (١/ ٣٧٩).
(٨) "معالم السنن" (١/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>