للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وقطع) أي: وأمر أصحابه بقطع الأشجار، ولعلها الأشجار التي يصعب تحريقها لشدة خضرتها وكثرة الماء في عروقها.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على جواز قطع النخل والأشجار وتحريقها في الحرب إذا كان في قطعها مصلحة من إضعاف اقتصاديات العدو أو كونه يتقي بها أو نحو ذلك من المقاصد. وقد روى ابن جرير عن جماعة من السلف أن بني النضير بعثوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون: إنك تنهى عن الفساد، فما بالك تأمر بقطع الأشجار؟ فأنزل الله هذه الآية الكريمة: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} والمعنى: أن ما قطعتم وما تركتم من الأشجار، فالجميع بإذن الله ومشيئته وقدرته ورضاه، وفيه نكاية للعدو، وخزي لهم، وإرغام لأنوفهم (١).

واللِّينةُ: صنف من النخل، قيل: إنها غير العجوة والبرني، ونقل الفراء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: (كل شيء من النخل سوى العجوة هو اللين) (٢).

وقد ذكر ابن قدامة أن الشجر والزرع في بلاد العدو ثلاثة أقسام (٣):

١ - قسم تدعو الحاجة إلى إتلافه، كالذي يمنع من قتالهم أو يكون في الطريق إليهم أو يكونون هم يفعلون ذلك بنا، قال: (فهذا يجوز قطعه بغير خلاف نعلمه).

٢ - قسم يتضرر المسلمون بقطعه؛ لكونهم ينتفعون ببقائه أكلًا أو ظلًا أو علفًا لدوابهم، فهذا يحرم قطعه.

٣ - ما عداهما مما لا ضرر فيه على المسلمين ولا نفع سوى غيظ الكفار والإضرار بهم ففيه قولان:


(١) "تفسير الطبري" (٢٨/ ٣٤)، "تفسير ابن كثير" (٨/ ١٤٦).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ١٤٤)، "فتح الباري" (٧/ ٣٣٣).
(٣) "المغني" (١٣/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>